في شيء واحد ، (١) فقال عبد الكريم : هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت على حدوثها فلو بقيت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدلّ على حدثها ؟ فقال العالِم عليهالسلام : إنّما نتكلّم على هذا العالَم الموضوع ، فلو رفعناه و وضعنا عالماً آخر كان لا شيء أدلُّ على الحدث من رفعنا إيّاه ووضعنا غيره ، ولكن أجبتك (٢) من حيث قدّرت أن تلزمنا ونقول (٣) : إنّ الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنّه متى ما ضمّ شيء (٤) إلى مثله كان أكبر ، وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم كما بان في تغييره دخوله في الحدث (٥) ليس لك وراءه شيءٌ يا عبد الكريم ، فانقطع وخزى . فلمّا أن كان من العام القابل التقى معه في الحرم فقال له بعض شيعته : إنّ ابن أبي العوجاء قد أسلم ، فقال العالم عليهالسلام : هو أعمى من ذلك لا يسلم ، فلمّا بصر بالعالِم قال : سيّدي ومولاي ، فقال له العالم : ما جاء بك الى هذا الموضع ؟ فقال : عادة الجسد ، وسنّة البلد . ولنبصر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة ، فقال له العالِم : أنت بعدُ على عتوّك وضلالك يا عبد الكريم ، فذهب يتكلّم فقال له : لا جدال في الحجّ ، ونفض رداءه من يده وقال : إن يكن الأمر كما تقول ـ وليس كما تقول ـ نجونا ونجوت ، وإن يكن الأمر كما نقول ـ وهو كما نقول ـ نجونا وهلكت ، فأقبل عبد الكريم على من معه فقال : وجدت في قلبي حرارةً فردّوني ، فردّوه ومات ، لا رحمه الله .
ج : روى مرسلاً بعض الخبر .
تنوير : لا يحير جواباً بالمهملة أي لا يقدر عليه . والولوع بالشيء : الحرص عليه والمبالغة في تناوله . قوله : كلُّ ذلك صفة خلقه أي خلق الخالق والصانع ، ويمكن أن يقرأ بالتاء أي صفة المخلوقيّة ، والحاصل أنّه لمّا سأل الإمام عليهالسلام عنه أنّك لو كنت مصنوعاً هل كنت على غير تلك الأحوال والصفات الّتي أنت عليها الآن أم لا أقبل يتفكّر
________________________
(١) في التوحيد المطبوع : ولن يجتمع صفة الازل والعدم في شيء واحد .
(٢) وفي نسخة : اجيبك .
(٣) وفي نسخة : فنقول .
(٤) وفي نسخة : ما ضم شيء منه إلى شيء منه .
(٥) وفي نسخة : كما أن في تغييره دخوله في الحدث .