تعليق المحال بالمحال أي ليس له ولد ، إذ لو كان له ولد لكنت أوّل العابدين له ، فإنَّ النبيَّ يكون أعلم بالله وبما يصحّ له وما لا يصحّ ، وأولى بتعظيم ما يجب تعظيمه ، ومن حقّ تعظيم الوالد تعظيم ولده . وثالثها : أنَّ المعنى : إن كان له ولد في زعمكم فأنا أوّل العابدين لله ، الموحّدين له ، المنكرين لقولكم : ورابعها : أنّ « إن » بمعنى « ما » للنفي ؛ والمعنى : ما كان للرحمن ولد ، فأنا أوّل العابدين لله المقرِّين بذلك .
أقول : سيأتي ما يتضمّن نفي الصاحبة والولد في باب جوامع التوحيد ، وسنذكر احتجاج النبيّ صلىاللهعليهوآله على القائلين بالولد في المجلّد الرابع .
( باب ٩ )
* ( النهي عن التفكر في ذات الله تعالى ، والخوض في مسائل التوحيد ) *
* ( واطلاق القول بأنه شيء ) *
الايات ، الزمر : وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ٦٧
١ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه أنّ رجلاً قال لأمير المؤمنين عليهالسلام : هل تصف ربّنا نزداد له حبّاً وبه معرفة ؟ فغضب وخطب الناس ، فقال فيما قال : عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته ، وتقدّسك فيه الرسول من معرفته فائتمَّ به واستضىء بنور هدايته ، فإنّما هي نعمة وحكمة اُوتيتها فخذ ما اُوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلّفك الشيطان علمه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنّة الرسول وأئمّة الهداة أثره فكل علمه إلى الله ولا تقدر عليه عظمة الله (١) واعلم يا عبد الله أنَّ الراسخين في العلم هم الّذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، إقراراً بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا ، وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخاً .
________________________
(١) وفي نسخة : ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين .