بيان : قوله : غير خلقه أي ليس الحجاب بينه وبين خلقه إلّا عجز المخلوق عن الإحاطة به . وقوله : محجوب إمّا نعت لحجاب ، أو خبر مبتدء محذوف ، فعلى الأوَّل فهو إمّا بمعنى حاجب إذ كثيراً ما يجيىء صيغة المفعول بمعنى الفاعل كما قيل في قوله تعالى : « حِجَابًا مَّسْتُورًا » أو بمعناه ويكون المراد أنّه ليس له تعالى حجاب مستور ، بل حجابه ظاهر وهو تجرّده وتقدّسه وعلوّه عن أن يصل إليه عقل أو وهم ، ويحتمل على هذا أن يكون المراد بالحجاب الحجّة الّذي أقامه بينه وبين خلقه فهو ظاهر غير مخفيّ ، ويحتمل أيضاً أن يكون المراد به أنّه لم يحتجب بحجاب مخفيّ فكيف الظاهر . وأمّا على الثاني فالظرف متعلّق بقوله : محجوب أي هو محجوب بغير حجاب ، وههنا احتمال ثالث و هو أن يكون محجوب مضاف إليه بتقدير اللّام ، وإجراء الاحتمالات في الفقرة الثانية ظاهر ، وهي إمّا تأكيد للاُولى أو الاُولى إشارة إلى الاحتجاب عن الحواسّ والثانية إلى الاستتار عن العقول والأفهام .
٢٨ ـ يد : محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسيّ ، عن أحمد بن محمّد النشويّ ، عن أحمد ابن محمّد الصفديّ ، عن محمّد بن يعقوب العسكريّ وأخيه معاذ معاً ، عن محمّد بن سنان الحنظليّ عن عبد الله بن عاصم ، عن عبد الرحمن بن قيس ، عن أبي هاشم الرمّانيّ ، عن زاذان ، عن سلمان الفارسيّ في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ثمَّ اُرشد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فسأله عنها فأجابه ، فكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن وجه الربّ تبارك وتعالى ، فدعا عليٌّ عليهالسلام بنار وحطب فأضرمه فلمّا اشتعلت قال عليٌّ عليهالسلام : أين وجه هذه النار ؟ قال النصرانيّ : هي وجه من جميع حدودها . قال عليٌّ عليهالسلام هذه النار مدبَّرة مصنوعة لا تعرف وجهها ، وخالقها لا يشببها ؟ ولله المشرق والمغرب
________________________
* عليه السلام في خطبته الاتية تحت رقم ٣٤ من باب جوامع التوحيد : « حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه غير خلقه » الخطبة أفاد أن العباد لو انصرفوا عن الاشتغال بأنفسهم واتباع هواهم وتوجهوا إلى ربهم لاشرقت أنوار العظمة الالهيته ، وهذا هو الذي يعبر عنه برؤية القلب كما مرّ في عدة من الاخبار في باب نفي الرؤية . ط