وَعَدَ الأَمرَ الحَقَّ ، وهو الوَعْدُ بالبَعْثِ والجَزاءِ على الأعمالِ ، والمَعنَى : إنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْداً حَقّاً فأَنجَزَهُ ، وَوَعَدْتُكُمْ وَعْداً باطِلاً ـ وهوَ أَن لا بَعْثَ ولا حِسابَ ـ فَأخلَفْتُكُم الوَعْدَ ، جَعَلَ خلفَ وَعْدِهِ كالإِخلافِ منهُ ؛ كأَنَّهُ كانَ قادِراً على إِنجازِهِ ، وَأنّى لَهُ ذلِكَ.
( وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) (١) أَي وَعَدْنا ، فصيغةُ المُفاعَلَةِ بمعنى الثُّلاثيِّ ، أَو هي على بابِها تَنزيلاً لقَبُولِ مُوسى بمَنزِلَةِ الوَعْدِ ، و « أَرْبَعِينَ لَيْلَةً » مَفْعُولٌ ثانٍ لـ « واعَدْنا » لا ظرفٌ. وقُرِئَ : « وَعَدْنا » (٢).
( فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ ) (٣) أَي فأَخلَفتُم وَعْدَكُمْ إيَّايَ بالثَّباتِ على ما أَمَرْتُكُم بِهِ إلى أَنْ أَرجعَ من الميقاتِ ، عَلى إضافَةِ المصدرِ إلى مفعولِهِ ، وكذلكَ قولهم : « مَوْعِدَكَ » أي وَعْدَنا إيّاكَ.
الأثر
( جَمَلانِ يَصْرِفانِ وَيُوعِدان ) (٤) « يَصْرِفانِ » من الصَّريفِ ، وهوَ صَوْتُ نابِ البَعيرِ. و « يُوعِدانِ » مِنَ الوَعيدِ ، وهو هَديرُهُ إذا أَرادَ أَنْ يَصُولَ.
( وَأنا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ) (٥) أَي أَنا مُقيمٌ على ما عاهَدْتُكَ ووَعَدْتُكَ من الإيمانِ واخلاصِ الطّاعَة لكَ ، أَو على ما عَهِدْتَ إِليَّ من أَمرِكَ ومُتَنَجِّزٌ وعدك في المثوبةِ والأَجرِ عليهِ ، أَو مُقيمٌ على ما عاهَدْتَني في الأوَّل من الإقرارِ بربوبيَّتك وأَنا موقِنٌ بما وَعَدْتَ من البَعْثِ والحِسابِ ، و « ما اسْتَطَعْتُ » أَي قَدْرَ استِطاعَتي ، فَما مصدريَّةٌ ظرفيَّةٌ.
المثل
( وَعِيدُ الحُبَارَى الصَّقْرُ ) (٦) يُضْرَبُ
__________________
(١) البقرة : ٥١.
(٢) حجة القراءات : ٩٦ ، كتاب السّبعة : ١٥٥.
(٣) طه : ٨٦ ـ ٨٧.
(٤) الفائق ٢ : ٢٩٥ ، النَّهاية ٥ : ٢٠٦.
(٥) النَّهاية ٢ : ٣٢٤ ، مجمع البحرين ٣ : ١١٥.
(٦) مجمع الأمثال ٢ : ٣٦٥ / ٤٣٦٥.