امّ سلمة زوجة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعن معاذ بن جبل ، وعن سلمان الفارسيّ ، وعن عليّ ، وأبي ذرّ ، والمقداد ، وعمّار ، والبراء بن عازب ، ثمّ أسلمنيها ولم يأخذ عليّ يميناً ، فلم ألبث أن حضرته الوفاة فدعاني فخلابي وقال : يا أبان ! قد جاورتك فلم أر منك إلّا ما أُحبُّ ، وإنّ عندي كتباً سمعتها عن الثقات ، وكتبتها بيدي فيها أحاديث لا اُحبُّ أن تظهر للنّاس لأنّ الناس ينكرونها ويعظمونها ، وهي حقٌّ أخذتها من أهل الحقّ والفقه والصدق والبرّ عن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسيّ ، وأبي ذرّ الغفاريّ ، والمقداد ابن الأسود ، وليس منها حديث أسمعه من أحدهم إلّا سألت عنه الآخر حتّى اجتمعوا عليه جميعاً ، وأشياء بعد سمعتها من غيرهم من أهل الحقّ : وإنّي هممت حين مرضت أن اُحرقها فتأثّمت من ذلك وقطعت به ، فإن جعلت لي عهد الله وميثاقه أن لا تخبر بها أحداً ما دمت حيّاً ولا تحدّث بشيء منها بعد موتي إلّا من تثق به كثقتك بنفسك ، وإن حدث بك حدث أن تدفعها إلي من تثق به من شيعة عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ممّن له دين وحسب ؛ فضمنت ذلك له فدفعها إليّ ، وقرأها كلّها عليّ فلم يلبث سليم أن هلك رحمه الله ، فنظرت فيها بعده وقطعت بها وأعظمتها واستصعبتها لأنّ فيها هلاك جميع اُمّة محمّد صلىاللهعليهوآله من المهاجرين والأنصار والتابعين غير عليّ بن أبي طالب وأهل بيته صلوات الله عليهم وشيعته . فكان أوّل من لقيت بعد قدومي البصرة الحسن بن أبي الحسن البصريّ ، وهو يومئذ متوار من الحجّاج ، والحسن يومئذ من شيعة عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه من مفرطيهم نادم متلهّف على ما فاته من نصرة عليّ عليهالسلام والقتال معه يوم الجمل فخلوت به في شرقيّ دار أبي خليفة الحجّاج بن أبي عتاب ، فعرضتها عليه فبكى ثمّ قال : ما في حديثه شيءٌ إلّا حقٌّ قد سمعته من الثقات من شيعة عليّ صلوات الله عليه وغيرهم .
قال أبان : فحججت من
عامي ذلك فدخلت على عليّ بن الحسين عليهماالسلام وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان من خيار أصحاب عليّ عليهالسلام ، ولقيت عنده عمر بن أبي سلمة بن اُمّ سلمة زوجة النبيّ صلىاللهعليهوآله فعرضته عليه ، وعرضت على عليّ بن الحسين صلوات الله عليه ذلك أجمع ثلاثة أيّام ، كلّ يوم إلى اللّيل ، ويغدو