أو التفكّر في فنائها وما يدعو إلى تركها . والنسك : العبادة . والورع : اجتناب المحارم ، أو الشبهات أيضاً .
٤١ ـ ف : عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه . قال : أيّها الناس اعلموا أنَّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، وأنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال : إنّ المال مقسوم بينكم مضمون لكم ، قد قسّمه عادل بينكم وضمنه ، سيفي لكم به (١) ، والعلم مخزون عليكم عند أهله قد اُمرتم بطلبه منهم فاطلبوه ؛ واعلموا أنّ كثرة المال مفسدة للدين مقساةٌ للقلوب ، وأنّ كثرة العلم والعمل به مصلحةٌ للدين سبب إلى الجنّة ، والنفقات تنقص المال ، والعلم يزكو على إنفاقه ، وإنفاقه بثّه (٢) إلى حفظته ورواته ؛ واعلموا أنّ صحبة العالم واتّباعه دين يدان الله به ، وطاعته مكسبةٌ للحسنات ممحاةٌ للسيّآت ، وذخيرةٌ للمؤمنين ، ورفعةٌ في حياتهم ، وجميل الاُحدوثة عنهم بعد موتهم ، إنّ العلم ذو فضائل كثيرة : فرأسه التواضع ، وعينه البراءة من الحسد ، واُذُنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النيّة ، وعقله معرفة الأسباب بالاُمور ، ويده الرحمة ، وهمّته السلامة ، ورجله زيارة العلماء ، وحكمته الورع ، ومستقرّه النجاة ، وفائدته العافية ، ومركبه الوفاء ، وسلاحه لين الكلام ، وسيفه الرضاء ، وقوسه المداراة ، وجيشه محاورة العلماء ، وماله الأدب (٣) ، وذخيرته اجتناب الذنوب ، وزاده المعروف ، ومأواه الموادعة ، ودليله الهدى ، ورفيقه صحبة الأخيار .
بيان : مفسدة ومكسبة وأضرابهما كلّ منهما إمّا اسم فاعل أو مصدر ميميّ أو إسم آلة أو اسم مكان ، وفي بعضها لا يحتمل بعض الوجوه كما لا يخفى . والاُحدوثه بالضمّ : ما يتحدّث به . ثم ّ إنّه عليهالسلام أراد التنبيه على فضائل العلم فشبّهه بشخص كامل روحانيّ له أعضاءٌ وقوى كلّها روحانيّةٌ بعضها ظاهرةٌ ، وبعضها باطنةٌ ، فالظاهرة كالرأس والعين والاُذن واللّسان واليد والرجل ، والباطنة كالحفظ والقلب والعقل والهمّة والحكمة ، وله مستقرّ روحانيّ ، ومركب وسلاح وسيف وقوس وجيش
________________________
(١) وفي نسخة : وسيفي لكم به .
(٢) بث الخبر : اذاعه ونشره .
(٣) ملكة تعصم من كانت فيه عما يشينه .