٢٩ ـ وقال عليهالسلام : لا يُلسع العاقل من جحر مرّتين .
٣٠ ـ ف : وصيّة موسى بن جعفر عليهالسلام لهشام بن الحكم وصفته للعقل . قال عليهالسلام : يا هشام إنّ الله تبارك وتعالى بشّر أهل العقل والفهم في كتابه ، فقال : بشّر عبادي الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذين هديهم الله وأولئك هم اُولوا الألباب (١) .
بيان : المراد بالقول إمّا القرآن ، أو مطلق المواعظ . فيتّبعون أحسنه أي إذا ردّدوا بين أمرين منها لا يمكن الجمع بينهما يختارون أحسنهما ، وعلى الأوّل يحتمل أن يكون المراد بالأحسن المحكمات ، ويمكن أن يحمل القول على مطلق الكلام ، إذ ما من قول حقّ إلّا وله ضدّ باطل فإذا سمعها اختار الحقّ منهما ، وعلى تقدير أن يكون المراد بالقول القرآن أو مطلق المواعظ يمكن إرجاع الضمير إلى المصدر المذكور ضمناً أي يتّبعونه أحسن اتّباع .
يا هشام بن الحكم إنّ الله جلّ وعزّ أكمل للناس الحجج بالعقول ، وأفضى إليهم بالبيان ، ودلّهم على ربوبيّته بالأدلّة فقال : وإلهكم إله واحد لا إله إلّا هو الرحمن الرحيم إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبثّ فيها من كلّ دابّة وتصريف الرياح والسحاب المسخّر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون (٢) .
بيان : المراد بالحجج البراهين أو الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، والاحتجاج وقطع العذر ، أي أكمل حجّته على الناس بما آتاهم من العقول . وأفضى إليه أي وصل والباء للتعدية أي بعد ما أكمل عقلهم ألقى إليهم بيان ما يلزمهم علمه ومعرفته . وفي الكافي : ونصر النبيّين بالبيان . والأدلّة ما بيّن في كتابه من دلائل الربوبيّة والوحدانيّة أو ما أظهر من آثار صنعته وقدرته في الآفاق وفي أنفسهم . والأوّل أنسب بالتفريع . واختلاف اللّيل والنهار أي تعاقبهما على هذا النظام المشاهد بأن يذهب أحدهما ويجيىء الآخر
________________________
(١) الزمر : ١٨ |
(٢) البقرة : ١٦٤ |