إذ
بكثرة العبادات يتقوّى اليقين . وقوله : طاعة الرحمن ، يمكن عطفه على النجاة ، ولو
كان معطوفاً على الحبّ لعلّ المراد كثرتها وزيادتها ، أو أنّها ثمرة مترتّبة على
المداومة على الخير ، وهي أنّه مطيع للرحمن ، وكفى به شرفاً وفضلاً . والبرهان : الحجّة وكلّ
ما يوجب وضوح أمر ، وبراهين الله تعالى أنبياؤه وحججه وكتبه ، ومعجزات الأنبياء والحجج ، وآيات الآفاق والأنفس الدالّة على وجوده وعظمته ووحدانيّته وسائر صفاته ، والطاعة والمداومة عليها تعظيم لتلك البراهين وإذعان بها ، والمعصية تحقير
لها . وأمّا ما يتشعّب من
كراهية الشرّ فالوقار وعدم التزلزل عن الخير ، والصبر على المكاره في الدين ، والنصر على الأعادي الظاهرة والباطنة . والتوفّر أي في الإيمان
أو في جميع الطاعات ، وترك ما لا يعنيه أي لا يهمّه ولا ينفعه . وأمّا ما يتشعّب من
طاعة الناصح فاللّب : الخالص من كلّ شيء ، ولعلّ المراد هنا العقل الخالص عن مخالطة الشهوات والأهواء . والقبول أي عند الخالق والخلق وكذا المودّة ، أو القبول عند الله والمودّة بين الخلق (١)
. والإسراج لعلّ المراد
إسراج الذهن وإيقاد الفهم ، ويمكن أن يكون في الأصل الانشراح أي انشراح الصدر واتّساعه للعلوم ، أو الاستراحة فصحّف إلى ما ترى .
والتقدّم في الاُمور أي الخيرات . قوله عليهالسلام : من مصارع الهوى ، الصرع : الطرح على
الأرض والمراد الاُمور والمقامات الّتي يصرع هوى النفس فيها أكثر الخلق ويغلبهم . وأمّا أعلام الجاهل ،
عنّاك « بالتشديد » أي اتعبك ، من العناء : النضب والتعب وإن أعطيته كفرك «بالتخفيف» أي لم يشكرك . والفظّ : الغليظ الجانب السيّىء الخلق وقوله عليهالسلام : لم يتحرّج أي لا يتضيّق عن إثم وقبح
ومعصية (٢) . وإن ضحك فهق أي فتح فاه وامتلأ من الضحك قال الجزريّ فيه : إنّ أبغضكم إليّ الثرثارون المتفيهقون
: هم الّذين يتوسّعون في الكلام ، ويفتحون به أفواههم مأخوذ من « الفهق » وهو
الامتلاء والاتّساع ، يقال : أفهقت الإناء فهق يفهق فهقاً انتهى . وإن بكى خار أي جزع وصاح ________________________
(٢) وفي نسخة : وفضيحة .