شيء ، والعقل من أنواره تعالى الّتي خلقها وقدّرها لكشف المعارف على الخلق أي خلقه من جنس نور ومن سنخه ، ومادّته كانت شيئاً نورانيّاً مخزوناً في خزائن العرش ويحتمل التجوّز كما مرّ . والعلم لشدّة ارتباطه به وكونه فائدته الفضليّ ومكمّله الى الدرجة العليا فكأنّه نفسه وعينه ، وهو بدون الفهم كجسد بلا روح . والزهد رأسه أي أفضل فضائله وأرفعها ، كما أنّ الرأس أشرف أجزاء البدن ، أو ينتفي بانتفاء الزهد كما أنّ الشخص يموت بمفارقة الرأس . والحياء معين على انكشاف الاُمور الحقّة عليه أو على من اتّصف به كالعينين . والحكمة معبّرة للعقل كاللّسان للشخص . والرحمة سبب لإفاضة الحقائق عليه من الله وطريق لها كالقلب . وسجوده إمّا : كناية عن استسلامه وانقياد المتّصف به للحقّ تعالى ، أو : المراد سجود أحد المتّصفين به ، ولا يخفى إنطباق أكثر أجزاء هذا الخبر على المعنى الأخير ، أي أنوار الأئمّة عليهمالسلام والتجوّز والتمثيل والتشبيه لعلّه أظهر ويقال : شفّعته في كذا أي قبلت شفاعته فيه . وسيأتي تفسير بعض الأجزاء في الخبر الآتي .
٤ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن هلال ، عن اُميّة بن عليّ ، عن ابن المغيرة ، عن ابن خالد ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يعبد الله عزّ وجلّ بشيء أفضل من العقل ، ولا يكون المؤمن عاقلاً حتّى تجتمع فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشرّ منه مأمون ، يستكثر قليل الخير من غيره ، ويستقلّ كثير الخير من نفسه ، ولا يسأم (١) من طلب العلم طول عمره ، ولا يتبرّم (٢) بطلاب الحوائج قبله ، الذلّ أحبّ إليه من العزّ ، والفقر أحبّ إليه من الغنى . نصيبه من الدنيا القوت ، والعاشرة لا يرى أحداً إلّا قال : هو خير منيّ وأتقى . إنّما الناس رجلان : فرجل هو خير منه وأتقى ، وآخر هو شرّ منه وأدنى ، فإذا رأى من هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به ، وإذا لقى الّذي هو شرّ منه وأدنى قال : عسى خير هذا باطن ، وشرّه ظاهر ، وعسى أن يختم له بخير ، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه .
________________________
(١) أي لا يمل ولا يضجر .
(٢) أي لا يتضجر .