من رَآهُ أو عَرَفَهُ ، وعن النّبيِّ صلىاللهعليهوآله : ( هُوَ المَقَامُ الَّذِي أَشْفَعُ فِيهِ لِأُمَّتِي ) (١) ، وعن ابن عبَّاسٍ : مَقاماً يَحْمَدُكَ فيهِ الأَوَّلونَ والآخرونَ ، وتَشَرَّفُ بهِ على جميعِ الخَلائِقِ ؛ تَسأَلُ فتُعطَى ، وتَشْفَعُ فَتُشَفَّعُ ، ليس أَحَدٌ إِلاَّ تَحتَ لِوائِكَ (٢).
( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ) (٣) فَتُجيبُونَهُ بالثّناءِ عليهِ ؛ مبالغةٌ في انقِيادِهِم للبَعْثِ ، كأَنَّهم كانوا رَاغِبينَ فيه فحَمَدُوهُ عليه ، أَو مُعْلِنِينَ بحَمْدِهِ على كمالِ قُدْرتِهِ على إِحيائِهم عندَ مشاهدتِهِ ، وعن سعيدِ بن جُبَيرٍ : يَنفُضُونَ التُّرابَ عَنْ رُؤُوسِهِمْ قَائِلِينَ : سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ (٤).
الأثر
( الحَمْدُ رَأْسُ الشُّكْرِ ، ما شَكَرَ اللهَ عَبْدٌ لَمْ يَحْمَدهُ ) (٥) لمَّا كانَ الحَمْدُ مَوْرِدُهُ اللِّسانُ ، ومَوْرِدُ الشُّكرِ يَعُمُّ اللِّسانَ والجَنَانَ والأَركانَ ، كان الحَمْدُ من شُعَبِ الشُّكرِ أَدْخَلَ في إِشاعَةِ النِّعمَةِ والاعتِدادِ بِشأْنِها ، وأَدَّلَ (٦) على مكانِها ؛ لِمَا في عَمَلِ القلبِ من الخفاءِ وفي عَمَلِ الأَركانِ من الاحتمالِ ، فلِذلِك جَعَلَهُ رَأْسَ الشُّكرِ وَمِلاكاً لأَمرِهِ ، فمتى لم يَعترفِ العَبدُ بإِنْعامِ (٧) مولاهُ ولم يَحمَدهُ بالثَّناءِ عليه لا يُعَدُّ شاكِراً وإِن اعتَقَدَ وعَمِلَ ؛ فكما أَنَّ الرّأْسَ أَظهَرُ الأَعضاءِ وأَعلاها والعُمدَةُ في بقائِها كذلك الحَمْدُ أَظهَرُ أَنواعِ الشُّكرِ وأَشمَلُها على حقيقتِهِ ، حتَّى إِذا فُقِدَ كان ما عداهُ بمنزلةِ العَدَمِ.
( سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ) (٨) « الواوُ » زائدةٌ أَو عاطفةٌ ، أي وبحَمْدِكَ سَبَّحتُكَ ، و « الباءُ » إِمَّا للمصاحبةِ و « الحَمْدُ » مضافٌ إِلى المفعولِ ، أَي
__________________
(١) الكشّاف ٢ : ٦٨٧.
(٢) بحار الأنوار ٨١ : ١٨٠.
(٣) الإسراء : ٥٢.
(٤) الكشّاف ٢ : ٦٧٢.
(٥) الفائق ١ : ٣١٤ ، النّهاية ١ : ٤٣٧.
(٦) في « ش » : وأركب بدل : وأَدلّ.
(٧) في « ت » و « ش » : بإِنعامه.
(٨) الغريبين ٢ : ٤٩١ ، غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٢٤٠.