الأثر
( لا صَمْتَ يومٍ إلى اللّيلِ ) (١) أي لا فضيلة لأن يُصْمَتَ يومٌ تامُّ ، ولا هو مشروعٌ في ملّتِنا ، ورُوِيَ : « يوماً » بالنّصب على الظّرفيّة ، و « يومٌ » بالرّفع على تأويل المصدر بفعلٍ مبنيّ للمفعول ، و « يومٍ » بالخفضِ على الإضافة.
( حُجَّةٌ مُصْمَتَةٌ ) (٢) ساكتةٌ لا تتكلَّم ، وهي خلاف الحجّة النّاطقة.
( حُرْمَةٌ مُصْمَتَةٌ ) (٣) مقطوعٌ بها لا سبيل إلى هتِكها.
( يُخْبِرُكم صَمْتُهُم عن منطِقِهم ) (٤) يَعني أنّ لصَمْتِهِم من حسن السَّمْتِ ما يدلُّ على حسن منطقهم ، لا كَصَمْتِ ذي العيِّ الجاهلِ.
( الدِّينُ بَينَهُم صَامِتٌ نَاطِقٌ ) (٥) أي ساكتٌ ما لم تذكر أحكامه ويُنْطَق بها ، فإذا ذُكِرَت وبُيِّنَتْ أفادَ إفادةَ النّاطق من الأمر والنّهي وسائر الآدابِ المَبْنِيّةِ عليه ، فهو صامتٌ في الصّورةِ وفي المعنى أنْطَقُ النّاطقينَ.
( وَصَمْتُهُ لِسَانٌ ) (٦) يجوزُ أن يرادَ باللّسان : الكلام والبيان ، وأن يُرادَ به الجارحةُ ، والمعنى : أنّ سكوتَهُ صلىاللهعليهوآلهوسلم مفيدٌ إفادةَ الكلامِ ، أو مستعملٌ في الإفادةِ والبيانِ استعمالَ آلة النّطقِ ؛ لأنّه كانَ يَسكُتُ عمّا لا ينبغي من القول ، وإذا فَعَلَ المسلمونَ فِعْلاً على جاري عادتهم فَسَكَتَ ولم يَنهَهُم عنه عَلِموا أنّه على حكمِ الإباحةِ ؛ وهو من باب التّشبيهِ المحذوفِ الأداةِ ، وإنكار احتمال كونه بمعنى الجارحة ضيق عطِن.
__________________
(١) سنن أبي داود ٣ : ١١٥ / ٢٨٧٣.
(٢) غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٦٠٣ ، النّهاية ٣ : ٥١ بتفاوت فيهما.
(٣) انظر المغرب للمطرزي ١ : ٣٠٧.
(٤) نهج البلاغة ٢ : ٤٣ / ط ١٤٣.
(٥) نهج البلاغه ٢ : ٤٣ / ط ١٤٣ ، وفيه : فهو بينهم ..
(٦) نهج البلاغة ١ : ١٨٧ / ط ٩٢.