__________________
قبل كما تقدّم ، وكان لحجر صحبة ووفادة وجهاد وعبادة.
أقول : لم يستطع هذا الكاتب انكار صدور هذه الجريمة النكراء من معاوية لإطباق المؤرخين على أنّ قتل حجر كان بأمر معاوية وإصراره ، قال : قيل : قتلوا بأمر معاوية ، لإدخال التشكيك في ذلك ، ولا اعلّق في المقام إلاّ أنّي أقول : جزاه اللّه عن نيّته بما يستحق ، وحشره مع من كان يتولاّهم ، وهذه الرواية رواها البيهقي ، والطبري أيضا.
حجر بن عديّ والبراءة من أمير المؤمنين
جاء في الدرجات الرفيعة : ٤٢٨ ـ ٤٢٩ : إنّ معاوية كتب إلى زياد أن أعرض علي حجرا وأصحابه ـ وكانوا ثمانية ـ ليتبرءوا من عليّ [عليه السلام] ويطلقوا ، فقالوا : بل نتولاّه ، ونتبرأ ممّن برئ منه .. فحفرت لهم قبور ، ونشرت أكفانهم ، فقال : حجر يكفنوننا كأنّا مسلمون ، ويقتلوننا كأنّا كافرون .. وعرض عليهم البراءة عدّة دفعات فلم يفعلوا .. فقتلوا.
ولكن المسعودي في مروج الذهب ٤/٣ ، قال : فلمّا وصل إليهم [المأمور من قبل معاوية] قال لحجر : إنّ أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال! ، ومعدن الكفر والطغيان ، والمتولي لأبي تراب وقتل أصحابك ، إلاّ أن ترجعوا عن كفركم ، وتلعنوا صاحبكم ، وتتبرّءوا منه ..! فقال حجر وجماعة ممّن كان معه : إنّ الصبر على حدّ السيف لأيسر علينا ممّا تدعوننا إليه ، ثم القدوم على اللّه وعلى نبيّه وعلى وصيّه أحبّ إلينا من دخول النار .. ، وقد جاء في الأغاني ٩/١٦ بصورة اخصر ، ولاحظ : نهاية الأرب للمقريزي ٣٣٧/٢٠.
صورة اخرى من شهادة حجر بن عديّ
وقد روي : أنّه لمّا دخلوا على معاوية ، قال معاوية بن أبي سفيان : أخرجوهم إلى عذراء فاقتلوهم هنالك ، قال : فحملوا إليها ، فقال حجر : ما هذه القرية؟ قالوا : عذراء ، قال : الحمد للّه ، أمّا واللّه إنّي لأوّل مسلم نبح كلابها في سبيل اللّه ، ثم اتي بي اليوم إليها مصفودا ، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله ، ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدّمه ليقتله ، فقال : يا هؤلاء! دعوني أصلّي ركعتين .. فتركوه ، فتوّضأ وصلّى ركعتين فطوّل فيهما ، فقيل له طوّلت ، أجزعت؟ ، فانصرف ، فقال : ما توضأت قطّ إلاّ صلّيت ، وما صلّيت صلاة قطّ أخفّ من هذه ، ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا ، وكفنا منشورا ، وقبرا محفورا .. إلى أن قال : وقد كانت هند بنت زيد بن مخرمة