عبد البر ، وأبي موسى ـ ما لفظه : هو المعروف ب : حجر الخير ، وهو : ابن الأدبر ، وإنّما قيل لأبيه : عديّ الأدبر ؛ لأنّه طعن على إليته مولّيا ، فسمّي : الأدبر. وفد على النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو وأخوه هاني. وشهد القادسية ، وكان من فضلاء الصحابة ، وكان على كندة بصفّين ، وعلى الميسرة يوم النهروان ، وشهد الجمل أيضا مع علي عليه السلام ، وكان من أعيان الصحابة .. إلى آخره.
__________________
فشفع أصحابه في بعضهم فشفّعهم ، ثم قتل حجر وستة معه ، وأطلق ستة ، ولمّا أرادوا قتله صلّى ركعتين ، ثم قال : لو لا أن تظنّوا بي غير الذي بي لأطلتهما ، وقال : لا تنزعوا عنّي حديدا ، ولا تغسلوا عنّي دما ، فإنّي ملاق معاوية على الجادة ، ولمّا بلغ فعل زياد بحجر إلى عائشة بعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية تقول : اللّه اللّه في حجر وأصحابه ، فوجده عبد الرحمن قد قتل ، فقال لمعاوية : أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه ، ألا حبستهم في السجون ، وعرضتهم للطاعون؟! قال : حين غاب عنّي مثلك من قومي ، قال : واللّه لا تعدّ لك العرب حلما بعدها ولا رأيا ، قتلت قوما بعث بهم أسارى من المسلمين ، قال : فما أصنع؟ كتب إليّ زياد فيهم يشدّد أمرهم ، ويذكر أنّهم سيفتقون فتقا لا يرقع ..! ولمّا قدم معاوية المدينة دخل على عائشة فكان أوّل ما قالت له في قتل حجر .. في كلام طويل ، فقال معاوية : دعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربّنا [يوم تشخص فيه الأبصار ، يوم يعضّ الظالم على يديه ويقول يا ليتني كنت ترابا] ، قال نافع : كان ابن عمر في السوق فنعى إليه حجر. فأطلق حبوته ، وقام وقد غلبه النحيب ، وسئل محمّد بن سيرين عن الركعتين عند القتل ، فقال : صلاهما خبيب وحجر وهما فاضلان. وكان الحسن البصري يعظّم قتل حجر وأصحابه ، ولمّا بلغ الربيع بن زياد الحارثي ـ وكان عاملا لمعاوية على خراسان ـ قتل حجر دعا اللّه عزّ وجلّ وقال : اللهم إن كان للربيع عندك خير ، فاقبضه إليك وعجّل ، فلم يبرح من مجلسه حتى مات.
وكان حجر في ألفين وخمسمائة من العطاء ، وكان قتله سنة إحدى وخمسين ، وقبره مشهور بعذراء ، وكان مجاب الدعوة ، أخرجه أبو عمر ، وأبو موسى هذا تمام كلام ابن الأثير ، وقد ذكر المؤلف قدّس سرّه كلامه باختصار وإنّما ذكرت تمام كلامه لأنّه يجمع غالب ما ذكره غيره ، وسوف أشير إلى موارد أخر اختص بذكرها غيره.