__________________
أسلمتموه ، وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه ، أمسكتم بنفسه ، وأخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كل جانب ، فمنعتموه التوجه في بلاد اللّه العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته ، وأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا ولا يدفع ضرّا ، وحلأتموه ونساءه وأصيبيته وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني ، وتمرّغ فيه خنازير السواد وكلابه ، وها هم قد صرعهم العطش ، بئسما خلفتم محمدا [صلّى اللّه عليه وآله] في ذريته! لا سقاكم اللّه يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عمّا أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه .. فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل ، فأقبل حتى وقف أمام الحسين [عليه السلام] .. ثم ذكر شهادته رضوان اللّه عليه. وفي مثير الأحزان لابن نما : ٥٩ ـ ٦٠. نقل قوله للحسين عليه السلام : لما وجّهني عبيد اللّه إليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي : أبشر يا حرّ بخير .. فالتفت فلم أر أحدا ، فقلت : واللّه! ما هذه بشارة وأنا أسير إلى الحسين [عليه السلام] وما أحدّث نفسي باتباعك ، فقال عليه السلام : «لقد أصبت أجرا وخيرا».
وقال ابن الأثير في الكامل ٧١/٤ في وقائع سنة إحدى وستين بعد ما نقلناه عن الطبري وزاد : وحمل الحرّ وزهير بن القين فقاتلا قتالا شديدا.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ١٠٠/٤ ، قال : وبرز الحرّ وهو يرتجز :
إنيّ أنا الحرّ ومأوى الضيف |
|
أضرب في أعناقكم بالسيف |
عن خير من حلّ بلاد الخيف |
|
أضربكم ولا أرى من حيف |
فقتل نيّفا وأربعين رجلا.
وقال أبو مخنف : إنّ يزيد بن سفيان الثغري ـ من بني حارث بن تميم ـ كان قال : أما واللّه لو رأيت الحرّ حين خرج لأتبعته السنان .. فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون ، والحرّ بن يزيد يحمل على القوم مقدما ويتمثل بقول عنترة :
ما زلت أرميهم بثغرة نحره |
|
ولبانه حتى تسربل بالدم |
وأن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبيه وأنّ دماءه لتسيل ، إذ قال الحصين بن تميم التميمي ليزيد بن سفيان : هذا الحرّ الذي كنت تتمناه ، قال : نعم! وخرج إليه ، فقال له : هل لك يا حرّ في المبارزة؟ قال : نعم ، قد شئت ، فبرز له ، قال الحصين : وكنت انظر إليه فو اللّه لكأنّ نفسه كانت في يد الحرّ ، فخرج إليه فما لبث الحرّ أن قتله.
وروى أبو مخنف ـ أيضا ـ عن أيوب بن مشرح الخيواني أنّه كان يقول : جال الحرّ