__________________
على فرسه فرميته بسهم فحشأت فرسه فما لبث أن أرعد الفرس واضطرب وكبا ، فوثب عنه الحرّ كأنّه ليث والسيف في يده ، وهو يقول :
إن تعقروا بي فأنا ابن الحرّ |
|
أشجع من ذي لبد هزبر |
قال : فما رأيت أحدا يفرى فريه ، وأخذ يقاتل راجلا وهو يقول :
آليت لا اقتل حتى أقتلا |
|
ولن أصاب اليوم الاّ مقبلا |
أضربهم بالسيف ضربا معضلا (مفصلا) |
|
لا ناكلا عنهم ولا مهلّلا |
لا عاجزا عنهم ولا مبدّلا |
|
أحمي الحسين الماجد المؤمّلا |
وقيل إنّه كان يرتجز ، ويقول :
إنّى أنا الحرّ ونجل الحرّ |
|
أشجع من ذي لبد هزبر |
ولست بالجبان عند الكرّ |
|
لكنّني الوقاف عند الفرّ |
وفي تذكرة خواص الامة : ٢٥٢ ثم حمل ، وقال :
أضرب في أعناقكم بالسيف |
|
عن خير من حلّ منى والخيف |
ثم حملت الرجّالة على الحرّ وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مسرح ورجل آخر من خرسان أهل الكوفة ، فاحتمله أصحاب الحسين حتى وضعوه بين يدي الحسين وبه رمق فجعل يمسح التراب عن وجهه ، ويقول : أنت الحرّ كما سمّتك امك ، حرّ في الدنيا وسعيد في الآخرة ، وفي رواية أنّه أتاه الحسين [عليه السلام] ودمه يشخب فقال : بخ بخ لك يا حرّ! أنت حرّ كما سمّيت في الدنيا والآخرة.
أقول : هذه نبذة من خبره في واقعة الطف ، فهل يسع لأحد التشكيك في جلالة الحرّ ابن يزيد وسمو مقامه وتفانيه في سبيل إمام زمانه؟ وما نقله المحدّث الجزائري رحمه اللّه في الأنوار النعمانية ٢٦٣/٣ ، عن رجل مجهول ، فمن واه القول ، وفضول الكلام ، وهلاّ يسأل هذا المتوهّم بأنّه إذا كانت خرافة ارتداده بهذه الصورة التي ذكرها ، وأنّ توبة المرتد الفطري لا تقبل ؛ لأنّه خرج على إمام زمانه ، فكيف قبله الإمام الحسين أرواحنا فداه ، وأنزله المنزلة اللائقة به ، بقوله عليه السلام : أنت الحرّ كما سمتك أمّك ، أنت الحرّ في الدنيا والآخرة» ثم من أين ثبت عند هذا المعترض المجهول بأنّه خرج على إمام زمانه ، وهو الذي قال للحسين عليه السلام : واللّه الذي لا إله الاّ هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبدا ولا يبلغون منك هذه المنزلة .. إلى أن قال : وإنّي قد جئتك تائبا ممّا كان مني إلى ربّي ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين