__________________
عرض عليكم رضا؟ قال عمر بن سعد : أما واللّه لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك ، قال : فأقبل حتى وقف من الناس موقفا ومعه رجل من قومه يقال له : قرة ابن قيس ، فقال : يا قرة ، هل سقيت فرسك اليوم؟ قال : لا ، قال : إنّما تريد أن تسقيه ، قال : فظننت واللّه أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ، وكره أن أراه حين يصنع ذلك ، فيخاف أن أرفعه عليه ، فقلت له : لم أسقه وأنا منطلق فساقيه ، قال : فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه ، قال : فو اللّه لو أنّه اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين ، قال : فأخذ يدنو من حسين [عليه السلام] قليلا قليلا ، فقال له رجل من قومه يقال له مهاجر بن أوس : ما تريد يا بن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العرواء ، فقال له : يا بن يزيد! واللّه إنّ أمرك لمريب ، واللّه ما رأيت منك في موقف قطّ مثل شيء أراه الآن ، ولو قيل لي : من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك! قال : إنّي واللّه أخيّر نفسي بين الجنّة والنار ، وو اللّه لا أختار على الجنة شيئا ولو قطّعت وحرّقت ، ثم ضرب فرسه فلحق بحسين عليه السلام ، فقال له : جعلني اللّه فداك يا بن رسول اللّه! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان ، واللّه الذي لا إله إلاّ هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبدا ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة. فقلت في نفسي لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون أني خرجت من طاعتهم ، وأمّا هم فسيقبلون من حسين [عليه السلام] هذه الخصال التي يعرض عليهم ، وو اللّه لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك ، وإنّي قد جئتك تائبا ممّا كان مني إلى ربي ، ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك ، أفترى ذلك لي توبة؟ قال [عليه السلام] : «نعم ؛ يتوب اللّه عليك ، ويغفر لك ، ما اسمك؟» قال : أنا الحرّ بن يزيد ، قال : «أنت الحرّ كما سمّتك امّك ، أنت الحرّ إن شاء اللّه في الدنيا والآخرة .. انزل» ، قال : أنا لك فارسا خير مني راجلا أقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول ما يصير آخر أمري ، قال الحسين [عليه السلام] : «فاصنع يرحمك اللّه ما بدا لك». فاستقدم أمام أصحابه ، ثم قال : أيّها القوم ، ألا تقبلون من حسين [عليه السلام] خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم اللّه من حربه وقتاله؟ قالوا : هذا الأمير عمر بن سعد ؛ فكلّمه .. فكلّمه بمثل ما كلّمه به قبل ، وبمثل ما كلّم به أصحابه ، قال عمر : قد حرصت ، لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت ، فقال : يا أهل الكوفة! لامّكم الهبل والعبر إذ دعوتموه حتى إذا أتاكم