__________________
أسعد الدواني الصديقي ، المتكلّم الحكيم الفاضل المحقق المدقّق المنطقي المشهور صاحب الحاشية القديمة والجديدة والأجد على شرح التجريد المعروف ب : الشرح الجديد ، للفاضل القوشجي على (تجريد) المحقق الطوسي قدّس سرّه ، نسبته إلى دوان ـ على وزن هوان ـ قرية من قرى كازرون فارس المحمية ، وكان غالب اشتغاله أيضا في تلك الموارد الطيبة .. إلى أن قال : ونسبه ينتهي إلى أبي بكر .. ، وكان في أوائل أمره أيضا على مذهب التسنن ، ولمّا كتب الحاشية الثالثة التي يردّ فيها وفي سابقتها على الأمير صدر الدين الدشتكي الشيرازي فيما كتبه على حاشيته القديمة الاولى ، ثم الثانية ، وبالغ في غور النظر فيها ، وإفاضته أنواع التحقيق بما لا مزيد عليه ، أصابه نفس التوفيق غبّ ما تذكّر إلى الحق الحقيق بفكره العميق ، وقال في نفسه : أعلم أنّ جدّي. لو كان حيّا لما فهم شيئا من هذه الغوامض العلميّة ، والدقائق الحكمية ، والمطالب العالية الإسلاميّة ، ومن كان شأنه ذلك فكيف يحقّ أن يكون خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم ، وإماما في ديني؟! فرجع إلى مذهب الحقّ ، واستبصر في شأن أهل بيت الرسالة عليهم السلام ، ثم كتب بعد ذلك بالفارسية رسالة سماها (نور الهداية) وهي مصرحة بتشيّعه ـ كما ذكره بحر العلوم في (فوائده الرجالية) ـ ، وله أيضا شرح لطيف على (العقائد العضديّة) يشبه (شرح العقائد النسفية) للعلاّمة التفتازاني ، ويظهر من شرحه المذكور أنّه كان أوّلا على مذهب الأشاعرة ، لأنه ينقل في ذلك الشرح كلام العلامة مع أستاذه المحقق الطوسي ـ رحمة اللّه تعالى عليهما ـ في تحقيق الفرقة الناجية من فرق هذه الأمّة الثلاث والسبعين بنصّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيما تواتر عنه بأسانيد الفريقين من أنّهم ستفترق إلى هذه العدّة بعد ارتحاله صلى اللّه عليه وآله من بينهم ، كما افترقت أمّة موسى عليه السلام بعده إلى إحدى وسبعين فرقة ، وأمّة عيسى إلى اثنتين وسبعين ، وأن فرقة واحدة من كل أولئك في الجنة ، والباقين في النار ، وأن المحقّق المذكور قال ـ بعد ما طال بينهما المقال ـ : لا ريب أنّ هذه الفرقة الناجية هم الشيعة الإماميّة ؛ لكثرة مخالفتهم مع سائر فرق أهل الإسلام .. ثم ينكر عليهما ويقول : بل الحق أنّ هذه الفرقة هم الأشاعرة ، لأنّ الشيعة توافق المعتزلة في غالب أصول العقائد ، وإنما المخالف لهم ولغيرهم من سائر فرق الإسلام الأشاعرة ، لأنّهم قالوا : بما لم يقل به أحد منهم في الأصول وغيرها ، وفيه : ـ مع أنّ ذلك اعتراف منه بأن الأشاعرة قائلون بما لم يقل به أحد من المسلمين ، وقد قال اللّه سبحانه وتعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مٰا تَوَلّٰى وَنُصْلِهِ