________________
فيا هذا سترحل عن قريب |
|
إلى قوم كلامهم السكوت |
وقال بعضهم : مرّ بهلول بصبيان الكتّاب ، فجعلوا يضربونه ، فدنوت منه ، وقلت له : ألا تشكوهم إلى آبائهم؟ فقال : اسكت! فلعلّي إذا متّ يذكرون هذا الفرح فيقول : رحم اللّه ذاك المجنون.
وعن أبي عوانة قال : سمعت أبا علي ، يقول : بلغني أنّ بهلول أصابه الجوع ثلاثة أيام ، ثم فوسوس [كذا] إليه الشيطان أنّ في جوارك رجلا له مال كثير ، فتسلق عليه داره وخذ بدرة ، ثم تب إلى اللّه تعالى ، أترى اللّه لا يغفر لك ، فقام بهلول ، فتسلّق داره ، ودخل بيته ، وأخذ كيسا وحمله ، ثم رجع إلى نفسه وأخذ بلحيته ورأسه ، وقال : سوأة لك ، ثم نادى : خذوا اللص يا أهل الدار! فوثبوا أهل الدار ، وقال : أين اللص؟ فقال : ها أنا ذا؟ فجاءوا بالسراج فإذا بهلول. فقال : اذهبوا بي إلى السلطان ، فقال صاحب الدار : معاذ اللّه! فما الذي حملك .. وألحّ عليه ، فقال : جوع ثلاثة أيام ، ووسوسة الشيطان ، فقال صاحب الدار : يعزّ عليّ أن يصيب مثلك الجوع وأنت جاري .. ثم قدّم له ما يأكله ، ثم أجرى له جراية.
وفي ١٥٦/٢ من روضات الجنات : وحكي أنّ بعض الخلفاء قال لبهلول : أتريد أن أحيل أمر معاشك إلى الخزانة حتى لا تكون في تعب منه طول حياتك ، فقال : أرضى به ما أن خلا من معايب ، أولها : إنك لا تدري إلى م أحتاج حتى تهيّئه لي ، ثانيها : إنك لا تدري متى أحتاج حتى لا تتجاوزه ، ثالثها : إنك لا تدري مقدار حاجتي حتى لا تزيد عنه ولا تنقص .. فتبتليني ، واللّه الذي ضمن رزقي يدري جميع هذه الثلاثة مني ، مع أنك ربّما غضبت علي فحرمتني ، واللّه سبحانه وتعالى لا يمنعني فضله ورزقه ، وإن كنت عاصيا له بجميع أعضائي وجوارحي.
أقول : ذكر الشيخ الطريحي في المنتخب ما ملخصه : إنّ بهلول بقي إلى زمان المتوكل ، وزار الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام بعد أن هدم المتوكل القبر الشريف وأجرى عليه الماء ، وهذا غريب للغاية ، بعيد عن الاعتبار والتحقيق ، وذلك أن بهلول مات في حدود السنة المائة والتسعين من الهجرة ، والمتوكل العباسي ارتقى منصة الخلافة سنة مائتين واثنتين وثلاثين ، فالتحقيق أنّه إما أن يكون بهلول آخر ، أو أنّ القصة مجعولة لا صحّة لها. وفي الأعلام ٥٦/٢ قال : بهلول المجنون مات نحو ١٩٠ ه ، بهلول بن عمرو الصيرفي ، أبو وهيب ، من عقلاء المجانين ، له أخبار ونوادر وشعر ، ولد ونشأ في الكوفة ، واستقدمه الرشيد وغيره من الخلفاء لسماع كلامه ، كان في منشئه من المتأدبين ثم