________________
عليك ، وأوضح برهان الحقّ لديك .. إلى آخر ما قال.
ثم ذكر ما نقله المؤلف قدّس سرّه عنه. وقد أسقط بعد قوله (بنو علي أحقّ بالخلافة أو بنو العباس) : فسكت بهلول خوفا على نفسه ، فقال الأمير : ولم لا تتكلم ، فقال : وأنّى يقدر مجنون مثلي لتمييز مثل هذا الأمر ، وتحقيق الحقّ فيه ، دع يا أمير! ذكر الماضين ، وهات الآن ما فيه صلاح أحوالنا ، وقد غلبني الجوع الساعة ، فقال : فما تشتهيه من المعصوم ، قال : ما تشدّ به فورة جوعي ، فأمر له بألوان من الأدم والطعام ، فلمّا حضرت أشار إليه بالأكل ، فقال بهلول : أصلح اللّه الأمير ما طاب الطعام المعشى ، ولا المحشي ، فلو أنك أذنتني في الخروج فيهنأني الطعام ، فأذن له .. فأفرغ ما حضر له في حجره ، وخرج من البيت وهو يصيح منشدا شعرا .. ثم ذكر الأبيات الثلاثة ثم قال : فاجتمع عليه الصبيان ونهبوا ما كان معه ، فهرب منهم ، وتحصّن في مسجد كان هناك ، وأغلق عليهم الباب ، وصعد على السطح حتى إذا أشرف عليهم منه جعل يقرأ : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بٰابٌ بٰاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظٰاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذٰابُ) [سورة الحديد (٥٧) : ١٣] فضحك مما أبصر منه محمّد بن سليمان ، ثم أمر بتفرقة الأطفال عنه ، وقال : لا إله إلاّ اللّه لقد رزق اللّه علي بن أبي طالب لبّ كلّ ذي لبّ!.
وفي صفحة : ١٥٥ ـ ١٥٦ من الروضات من المجلد الثاني ، والوافي بالوفيات ٣١٠/١٠ ، وعقلاء المجانين : ٧٨ ، واللفظ للروضات ، قال : وحكي عن سهل بن منصور ، قال : رأيت الصبيان يرمون بهلول بالحصى ، فأدمته حصاة فقال :
حسبي اللّه توكلت عليه |
|
من نواصي الخلق طرا بيديه |
ليس للهارب في مهربه |
|
أبدا من راحة إلاّ إليه |
ربّ رام لي بأحجار الردى |
|
لم أجد بدا من العطف عليه |
فقلت : يا بهلول! تعطف عليهم ، وهم يرمونك بالأحجار؟ فقال : اسكت! لعلّ اللّه يطّلع على غميّ ووجعي وفرح هؤلاء الصبيان .. فيسّره فيهب بعضنا من بعض. وعن أحمد بن الجواري قال : دخلت الكوفة فرأيت بهلول ، وقد حجز الناس عن الطريق ، فلمّا رآني قال : مرحبا يا أحمد! أنا بهلول أعرفك بعرفات ، ثم أنشأ يقول :
حقيق بالتواضع من يموت |
|
وحسب المرء من دنياه قوت |
فما للمرء يصبح ذا اهتمام |
|
وشغل لا يقوم له النعوت |
صنيع مليكنا حسن جميل |
|
وما أرزاقنا مما تفوت |