ابن جناح الكشي قال : سمعت محمّد بن إبراهيم الوراق السمرقندي ، يقول : خرجت إلى الحج فأردت أن أمرّ على رجل كان من أصحابنا معروف بالصدق والصلاح والورع والخير ، يقال له : بورق البوشنجاني ـ قرية من قرى هراة ـ وأزوره وأحدث به عهدي (١).
قال : فأتيته فجرى ذكر الفضل بن شاذان رحمه اللّه فقال بورق : كان الفضل [ابن بطن] شديد العلّة ، ويختلف في الليل مائة مرّة .. إلى مائة وخمسين مرة.
فقال له بورق : خرجت حاجّا فأتيت محمّد بن عيسى العبيدي ، ورأيته شيخا فاضلا ، في أنفه اعوجاج ـ وهو القنى (*) ـ ومعه عدة ، ورأيتهم مغتمّين محزونين ، فقلت لهم : ما لكم؟ فقالوا : إنّ أبا محمّد عليه السلام قد حبس. قال بورق : فحججت ورجعت ، ثم أتيت محمّد بن عيسى ووجدته قد انجلى عنه ما كنت رأيت به ، فقلت : ما الخبر؟ فقال : قد خلّى عنه عليه السلام.
قال [بورق] : فخرجت إلى سرّ من رأى ، ومعي كتاب يوم وليلة ، فدخلت على أبي محمّد عليه السلام وأريته ذلك الكتاب. فقلت له : جعلت فداك إن رأيت أن تنظر فيه. قال : فنظر فيه ، وتصفّحه ورقة .. ورقة ، وقال : «هذا صحيح ينبغي أن يعمل به». فقلت له : الفضل بن شاذان شديد العلّة ، ويقولون : إنّها من دعوتك بموجدتك عليه ، لما ذكروا عنه أنّه قال : إنّ وصي إبراهيم خير من وصي محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم! ولم يقل ـ جعلت فداك ـ كذا ..
________________
(١) في المصدر ـ بتقديم وتأخير ـ : عهدي به.
(*) هذا تفسير للاعوجاج في الأنف ، ويراد به اعوجاج أرنبة الأنف إلى أسفل ، ومنه قولهم في وصف النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وغيره أنّه : أقنى الأنف. [منه (قدّس سرّه)].