وحدّثني (١) نصر بن الصباح ، قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن محمّد بن النعمان ، قال : دخلت على السيّد بن محمّد وهو لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وهو يومئذ يقول بمحمد بن الحنفيّة ، وهو من حشمه ، وكان ممّن يشرب المسكر ، فجئت ـ وكان أبو عبد اللّه قدم الكوفة ؛ لأنّه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور ـ فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقلت : جعلت فداك ، إنّي فارقت السيّد بن محمّد الحميري وهو لما به قد اسودّ وجهه ، وازرقّت عيناه ، وعطش كبده ، وسلب الكلام ، وإنّه كان يشرب المسكر ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «أسرجوا لي حماري» ، فاسرج له وركب ومضى ، ومضيت معه
_________________
تنمى وتزيد حتى طبقت وجهه بسوادها ، فاغتمّ لذلك من حضره من الشيعة ، وظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك إلاّ قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء ، فلم تزل تزيد أيضا وتنمى حتى اصفرّ وجهه وأشرق وافتر السيّد ضاحكا وقال :
كذب الزاعمون أنّ عليّا |
|
لم ينجّ محبّه من هنات |
.. إلى آخر الأبيات
ثم أتبع قوله هذا : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه حقّا حقّا ، أشهد أنّ محمدا رسول اللّه حقّا حقّا ، أشهد أنّ عليّا أمير المؤمنين حقّا حقّا ، أشهد أنّ لا إله إلاّ اللّه .. ثمّ أغمض عينه لنفسه ، فكأنما كانت روحه ذبالة طفيت ، أو حصاة سقطت.
(١) رجال الكشّي : ٢٨٧ حديث ٥٠٧ ، وجاءت في روضات الجنات ١٠٤/١ ، والغدير ٢٤٥/٢ ، وإكمال الدين ٣٣/١ ، ومجالس المؤمنين ٥٠٦/٢ ، والمناقب لابن شهرآشوب ٢٤٦/٤ ، والوافي بالوفيات ١٩٨/٩ ، صححت الطبعة باعتناء يوسف خان اس ، ومجمع الرجال ١٨٥/٣ ، ومروج الذهب ٧٩/٣ ، ومنتهى المقال : ٥٨ [المحقّقة ٨٦/٢ برقم (٣٨٦)] ، والأغاني ٥/٧ ، ومنهج المقال : ٦١.
أقول هذه المصادر وغيرها ذكروا البيت المشار إليه ـ تجعفرت باسم اللّه .. ـ وبعضهم ذكر أبياتا من القصيدة. كما وأنّ الكثير اختصروا بالفاظ مختلفة لكن المعنى والمحصل واحد ، وذكرها الأعلام بصور متفاوته عنه.