وجهه عند الموت ، فقال : هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين؟! قال : فابيضّ وجهه كأنّه القمر ليلة البدر ، فأنشأ يقول :
احبّ الّذي من مات من أهل ودّه |
|
تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحك |
ومن مات يهوى غيره من عدوّه |
|
فليس له إلاّ إلى النار مسلك |
أبا حسن تفديك نفسي واسرتي |
|
ومالي وما أصبحت في الأرض أملك |
أبا حسن إنّي بفضلك عارف |
|
وانّي بحبل من ولاك (١) لممسك |
وأنت وصيّ المصطفى وابن عمّه |
|
فإنّا نعادي مبغضيك ونترك |
مواليك ناج مؤمن بيّن الهدى |
|
وقاليك معروف الضلالة مشرك |
ولاح لحاني في عليّ وحزبه |
|
فقلت لحاك اللّه إنّك اعفك (*) (٢) |
_________________
(١) في المصدر : هواك.
(*) أي : أحمق. [منه (قدّس سرّه)].
(٢) أقول : في مجالس المؤمنين ٥١٥/٢ ، وروضات الجنّات ١٠٩/١ برقم ٢٨ : إنّهم ذكروا أنّه لمّا اسودّ وجهه اغتمّ منه المؤمنون الحاضرون عنده ، وفرح به الناصبون الشامتون ، فتراءى له ـ وهو في كرب السياق ـ سيّدنا أمير المؤمنين عليه السلام ، لما أنّه يحضر المؤمن والمنافق حين احتضاره ، فلمّا نظر إلى وجه مولاه ، تضرّع إليه ، وقال : أهكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين؟! كما سمعه الحاضرون ، فتنوّر وجهه بذلك ، وفتح عينيه ، وأجرى هذه الأبيات على لسانه :
أحبّ الذي من مات من أهل ودّه |
|
تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحك .. |
إلى آخر الأبيات.
أقول : روي اسوداد وجه السيّد قدّس سرّه بصور مختلفة مختصرة ومطوّلة ، فقد روى هذه الكرامة في بشارة المصطفى : ٧٦ ، والطوسي في أماليه ٤٨/١ ، وابن شهرآشوب في مناقبه ٢٢٤/٣ ، وعلي بن عيسى الإربلي في كشف الغمة ٥٤٨/١ ـ ٥٤٩ ولكن بصورة أخرى وإليك عبارته : حدّث الحسين بن عون ، قال : دخلت على السيّد بن محمّد الحميري عائدا في علّته التي مات فيها ، فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه ـ وكانوا عثمانيّة ـ وكان السيّد جميل الوجه ، رحب الجبهة ، عريض ما بين السالفين ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثمّ لم تزل