بالحيلة والبهرجة على الضعفة ، لقدر أبي سهل في الناس ، ومحلّه من العلم والأدب ، وبانقياده له ينقاد غيره.
وإنّ أبا سهل أرسل إليه : إنّي رجل احبّ الجواري ، ولي فيهنّ عدّة أتحظّاهنّ ، والشيب يبعدني عنهنّ ، وعليّ في الخضاب كلّ جمعة مشقّة شديدة. وإذا جعلت بإعجازك لحيتي سوداء ، فإنّي طوع يديك ، وصائر إليك.
فأمسك عنه الحلاّج ، ولم يردّ له جوابا ، وصيّره أبو سهل أحدوثة وضحكة ، تطيّر به كلّ أحد ، وشهر أمره عند الصغير والكبير.
وقوّة احتمال تعدّد الواقعة مرّة مع الشلمغاني كما يقول ابن النديم ، وأخرى مع الحلاّج كما يروي الشيخ أولى من حمل اشتباه الأوّل ، والتباس الحلاّج عليه بالشلمغاني ، واللّه هو العالم.
__________________
للنيابة لجلالته وعظم شأنه واختصاصه بهم عليهم السلام لم يكن ضعيفا كغيره ، ويكشف عن ذلك ما رواه الشيخ رحمه اللّه في كتاب الغيبة : ٢٤٠ [طبعة مؤسسة المعارف الإسلامية : ٣٩١ حديث ٣٥٨] ، بسنده : .. إنّ أبا سهل سئل بمصر : كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم بن روح دونك؟ فقال : هم أعلم وما اختاروه .. ثمّ تصدّى لتوجيه ذلك بما لا مزيد عليه وصان عملهم عن الخطأ ، ونوّه بجلالة ابن روح واستقامة عزيمته وبضعفه هو في مقاومة الأعداء ، وتمام الخبر ذكره المؤلّف فراجع ، وهذا يدلّ دلالة واضحة على قوّة إيمانه وقداسة نفسيّته وتسليمه المطلق لإمام زمانه رضوان اللّه تعالى عليه.
حصيلة البحث
إنّ من درس ما نقلناه ، بالإضافة إلى ما ذكره المؤلّف قدّس سرّه ، اتّضح له جلالة المترجم وتقواه ، وعظيم ورعه وظهر أيضا اختصاصه بالإمام الحادي عشر عليه السلام والتشرّف برؤية الإمام المنتظر عجّل اللّه فرجه ، ومن المجموع يحصل القطع بوثاقته وجلالته ، بل يعدّ من الأفراد القلائل الّذين حازوا تلكم الصفات والمزايا الجليلة ، فهو ثقة ثقة ، ورواياته تعدّ من جهته صحاحا بلا ريب.