__________________
أعظم من حجة اللّه عزّ وجلّ على خلقه وأمينه في بلاده وشاهده على عباده ، من بعد من سلف من آبائه الأولين من النبيّين وآبائه الآخرين من الوصيّين عليهم أجمعين رحمة اللّه وبركاته فأين يتاه بكم! وأين تذهبون كالأنعام على وجوهكم! عن الحقّ تصدفون ، وبالباطل تؤمنون ، وبنعمة اللّه تكفرون أو تكذبون ، ممّن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض! فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم إلاّ خزي في الحياة الدنيا الفانية وطول عذاب في الآخرة الباقية ، وذلك واللّه الخزي العظيم ، إنّ اللّه بفضله ومنّه لمّا فرض عليكم الفرائض لم يفرض عليكم لحاجة منه إليكم ، بل برحمة منه ـ لا إله إلاّ هو ـ عليكم ، ليميز الخبيث من الطيب ، وليبتلي ما في صدوركم وليمحّص ما في قلوبكم ، ولتتسابقوا إلى رحمته ، وتتفاضل منازلكم في جنّته ، ففرض عليكم الحج .. إلى أن قال عليه السلام : ولو لا ما يجب من تمام النعمة من اللّه عزّ وجلّ عليكم لما أريتكم لي خطّا ، ولا سمعتم منّي حرفا من بعد الماضي عليه السلام ، أنتم في غفلة عمّا إليه معادكم ، ومن بعد النابي [الثاني خ. ل] رسولي وما ناله منكم حين أكرمه اللّه بمصيره إليكم ، ومن بعد إقامتي لكم إبراهيم بن عبدة وفقه اللّه لمرضاته ، وأعانه على طاعته ، وكتابي الذي حمله محمد بن موسى النيسابوري ، واللّه المستعان على كلّ حال ، وإنّي أراكم تفرّطون في جنب اللّه فتكونون من الخاسرين ، فبعدا وسحقا لمن رغب عن طاعة اللّه ، ولم يقبل مواعظ أوليائه! وقد أمركم اللّه جلّ وعلا بطاعته لا إله إلاّ هو وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وبطاعة أولي الأمر عليهم السلام ، فرحم اللّه ضعفكم ، وقلّة صبركم عمّا أمامكم فما أغرّ الإنسان بربّه الكريم ، واستجاب اللّه دعائي فيكم. وأصلح أموركم على يدي ، فقد قال اللّه جلّ جلاله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ) [سورة الإسراء (١٧) : ٧١] وقال جلّ جلاله : (وَكَذٰلِكَ جَعَلْنٰاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدٰاءَ عَلَى النّٰاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [سورة البقرة (٢) : ١٤٣] وقال اللّه جل جلاله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [سورة آل عمران (٣) : ١١٠] فما أحبّ أن يدعو اللّه جل جلاله بي ، ولا بمن هو في أيّامي ، إلاّ حسب رقّتي عليكم ، وما انطوى لكم عليه من حبّ بلوغ الأمل في الدارين جميعا ، والكينونة معنا في الدنيا والآخرة ، فقد يا إسحاق! يرحمك اللّه ويرحم من هو وراءك ، بيّنت لك بيانا وفسّرت لك تفسيرا ، وفعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الأمر قطّ ، ولم يدخل فيه طرفة عين ، ولو فهمت الصمّ الصّلاب بعض ما في هذا الكتاب لتصدّعت قلقا ، خوفا من خشية اللّه ،