فعلى هذا لا يعتق منه شيء، و الوصيّة له وصيّة للعبد بغير رقبته، و على الأوّل الحكم كما لو قال: أوصيت له بثلث رقبته و ثلث باقي أموالي.
و لهم وجه ثالث: أنّه تجمع الوصيّة في رقبته، فإن خرج كلّه من الثّلث عتق، و إن كان الثّلث أكثر من قيمة رقبته صرف الفضل إليه، و إن لم يخرج كلّه من الثّلث عتق منه بقدر ما يخرج(١).
مسألة ٤٥: لو أوصى لعبده بعين معيّنة من ماله،
فإن كانت غير نفسه فقال: أعطوه من مالي كذا، كثوب أو دار أو مائة دينار، فظاهر كلام الأصحاب: الحكم فيه كالجزء الشائع.
و الوجه: بطلان الوصيّة هنا؛ لأنّ الموصي قصد إعطاء عين، فلا يجوز التخطّي إلى غيرها؛ لأنّه يكون تبديلا للوصيّة، و لأنّ العبد لا يملك فلا تصحّ له الوصيّة، و لا يمكن أن يحرّر من قيمة العين؛ لما فيه من التبديل للوصيّة المنهي عنه(٢) ، و لا مجّانا؛ إذ لا سبب لعتقه، و لأنّه إضرار بالورثة، و زيادة على الوصيّة.
و بهذا قال الثوري و أحمد و إسحاق و أصحاب الرأي؛ لأنّ العبد يصير ملكا للورثة، فما أوصى له به فهو لهم، فكأنّه أوصى لورثته بما يرثونه، و لا فائدة فيه، بخلاف ما إذا أوصى له بمشاع(٣).
لكن علماؤنا يقولون: إنّه تجمع الوصيّة في رقبته، كما قالوا في المشاع.
و على قول أصحابنا - و هو رواية أخرى عن أحمد(٤) - إنّ الوصيّة
١- البيان ١٦٠:٨، العزيز شرح الوجيز ١٥:٧-١٦، روضة الطالبين ٩٩:٥.
٢- سورة البقرة: ١٨١.
٣- المغني ٥٦٨:٦، الشرح الكبير ٥٠٣:٦.
٤- المغني ٥٦٨:٦، الشرح الكبير ٥٠٣:٦.