و على ما قلنا بالتوقّف إن بقي الموصى له إلى أن استوعب الدينار الثّلث فلا بحث، و إن مات فالأقرب: انتقال بقيّة الثّلث إلى الورثة؛ لأنّها كالوصيّة بالثمار بلا نهاية، فوجب أن ينتقل الحقّ إلى الورثة بعد قسمة الورثة للتركة، و هو أحد قولي(١) الشافعيّة، و الثاني: أنّ بقيّة الثّلث تسلّم لورثة الموصى له(٢).
و إن كان هناك وصايا غيرها، قال بعض الشافعيّة: يفضّ الثّلث بعد الدينار الواحد على أرباب الوصايا، و لا يوقف، فإذا انقضت سنة أخرى استردّ منهم بدينار بقدر ما يقتضيه التقسيط(٣).
و قال بعضهم: هذا ظاهر إذا كانت الوصيّة مقيّدة بحياة الموصى له، أمّا إذا لم تتقيّد و أقمنا ورثته مقامه، فهو مشكل لا يهتدى إليه(٤).
مسألة ٢٦٣: لو أوصى بخدمة عبده أو بمنافع دابّته،
فإن كانت مقيّدة بمدّة معلومة فالنفقة في تلك المدّة على الوارث إجماعا؛ لأنّه مالك الرقبة، فكان كما إذا(٥) آجر عبده.
و إن كانت الوصيّة على التأبيد، فالوجه: أنّها على الوارث أيضا؛ لأنّه مالك الرقبة، فكانت النفقة عليه، كالعبد المستأجر، و هو ظاهر مذهب
١- في الطبعة الحجريّة: «وجهي» بدل «قولي».
٢- نهاية المطلب ١٥٣:١١، العزيز شرح الوجيز ١٢٠:٧، روضة الطالبين ٥: ١٧٨.
٣- نهاية المطلب ١٥٥:١١، العزيز شرح الوجيز ١٢٠:٧، روضة الطالبين ٥: ١٧٨-١٧٩.
٤- الجويني في نهاية المطلب ١٥٥:١١، و عنه في العزيز شرح الوجيز ١٢٠:٧، و روضة الطالبين ١٧٩:٥.
٥- في «ر، ل»: «لو» بدل «إذا».
الشافعيّة، و به قال أبو ثور و أحمد في رواية(١).
و الثاني(٢): أنّها على الموصى له - و به قال أبو حنيفة و بعض الشافعيّة(٣) -؛ لأنّه ملك منفعته على التأبيد [فكانت](٤) النفقة عليه، كالزوج - و هو رواية عن أحمد(٥) - و لأنّ نفعه له فكان عليه ضرره، كالمالك لهما جميعا.
و تحقيق ذلك: أنّ إيجاب النفقة على من لا نفع له ضرر مجرّد، فيصير معنى الوصيّة: أوصيت لك بنفع عبدي و أبقيت على ورثتي ضرره، و إن أوصى بنفعه لإنسان و لآخر برقبته، كان معناه: أوصيت لهذا بنفعه و لهذا بضرّه، و الشرع ينفي هذا بقوله: «لا ضرر و لا ضرار»(٦)٠.
١- الحاوي الكبير ٢٢٢:٨، المهذّب - للشيرازي - ٤٦٨:١، نهاية المطلب ١١: ١٣٦، الوجيز ٢٧٨:١، الوسيط ٤٥٨:٤، حلية العلماء ١٢٥:٦-١٢٦، التهذيب - للبغوي - ٨٤:٥، البيان ٢٥١:٨، العزيز شرح الوجيز ١١٣:٧، روضة الطالبين ١٧٣:٥، المغني ٥١٢:٦، الشرح الكبير ٥٤٩:٦.
٢- أي: الوجه الثاني في الفرع المزبور، و هو المذكور في الحاوي الكبير ٢٢٢:٨، و المهذّب - للشيرازي - ٤٦٨:١، و نهاية المطلب ١٣٦:١١، و الوجيز ٢٧٨:١، و الوسيط ٤٥٨:٤، و حلية العلماء ١٢٥:٦، و التهذيب - للبغوي - ٨٤:٥، و البيان ٢٥١:٨، و العزيز شرح الوجيز ١١٣:٧، و روضة الطالبين ١٧٣:٥، و المغني ٥١٢:٦، و الشرح الكبير ٥٤٩:٦.
٣- راجع المصادر في الهامش السابق.
٤- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «و كانت». و المثبت يقتضيه السياق.
٥- المغني ٥١٢:٦، الشرح الكبير ٥٤٩:٦.
٦- الموطأ ٣١/٧٤٥:٢، مسند أحمد ٤٤٦:٦-٢٢٢٧٢/٤٤٧، سنن ابن ماجة ٢: ٢٣٤٠/٧٨٤ و ٢٣٤١، المعجم الكبير - للطبراني - ١٣٨٧/٨٦:٢، و ١١: ١١٨٠٦/٣٠٢، المستدرك - للحاكم - ٥٧:٢-٥٨، السنن الكبرى - للبيهقي - ٦: ٦٩، و ١٣٣:١٠.