و لو كانت الوصايا بحالها لكنّه أوصى أوّلا بالثّلث لإنسان ثمّ أوصى بالحجّ بمائة ثمّ لآخر بما يبقى من الثّلث بعد المائة، قال أبو إسحاق من الشافعيّة: الوصيّة بالباقي من الثّلث بعد المائة باطلة؛ لأنّ الوصيّة الأولى قد استغرقت الثّلث(١).
و قال باقي الشافعيّة: لا فرق بين التقديم و التأخير، و الوصيّة بالمائة و ما يبقى من الثّلث بعد المائة وصيّة بثلث آخر، و هذا الشخص قد أوصى بالثّلثين، و لو لا ذلك لحكمنا فيما إذا أوصى لزيد بالثّلث ثمّ لعمرو بالثّلث ببطلان الوصيّة الثانية، و لما وزّعنا الثّلث عليهما(٢).
و هذا كلّه على أنّ الحجّ لا يقدّم في الثّلث على سائر الوصايا، و إنّما قدّمنا مائة الحجّ على وصيّة الموصى له بالباقي؛ لأنّ الموصي قدّمها لفظا، فأمّا إذا قدّمنا الحجّ على سائر الوصايا، فإن كان الثّلث ثلاثمائة و المائة المقدّرة للحجّ أجرة مثل الحجّ، فتؤخذ المائة من رأس المال.
و كيف يقسّم الباقي بين الموصى له بالباقي و الموصى له بثلث جميع المال ؟ قال ابن الحدّاد: يجعل بينهما نصفين؛ لأنّ كلّ واحد منهما لو انفرد مع الحجّ لأخذ ما زاد على المائة(٣).
و غلّطه عامّة الشافعيّة، و قالوا: يقسّم الباقي بينهما على قدر وصيّتهما، و الوصيّة للموصى له بالباقي بمائتين، و للموصى له بالثّلث بثلاثمائة، فيقسّم الباقي بينهما على خمسة أسهم، للموصى له بالباقي٥.
١- الحاوي الكبير ٢٥٠:٨، التهذيب - للبغوي - ٩٢:٥، العزيز شرح الوجيز ٧: ١٢٥، روضة الطالبين ١٨٢:٥.
٢- الحاوي الكبير ٢٥٠:٨، التهذيب - للبغوي - ٩٢:٥، العزيز شرح الوجيز ٧: ١٢٦، روضة الطالبين ١٨٢:٥.
٣- العزيز شرح الوجيز ١٢٦:٧، روضة الطالبين ١٨٢:٥.