ذلك المكان، و لم يكلّف الرجوع إلى بلده و إنشاء الإحرام منه إجماعا، و لأنّ للحيّ أن ينشئ الإحرام من ميقاته، و لا يجب عليه قبل ذلك، بل له أن يقصد إلى الحجّ من أيّ بلد شاء، فكذا نائبه لو مات.
و الثاني: أنّه إن كان الثّلث أو ما أوصى به يفي بالحجّ من بلدته وجب أن يستأجر من بلده، و إلاّ وجب أن يستأجر عنه من الميقات؛ لأنّ الصادق عليه السّلام سئل عن رجل مات فأوصى أن يحجّ عنه، قال: «إن كان صرورة فمن جميع المال، و إن كان متطوّعا فمن ثلثه»(١).
و سئل الصادق عليه السّلام عن رجل أوصى بعشرين درهما في حجّة، قال:
«يحجّ بها [عنه] رجل من حيث يبلغه»(٢).
و به قال بعض الشافعيّة(٣) أيضا.
و لهم قول آخر مشهور: إنّه يحجّ من بلده؛ لأنّ الغالب التجهيز للحجّ و النهوض من البلد(٤).
مسألة ١٩٣: إذا أوصى بحجّ التطوّع و غيره،
فإن قدّم الحجّ في الذكر يقدّم على غيره من الوصايا المتبرّع بها، و إن قدّم غيره كان مقدّما على الحجّ - و به قال أبو حنيفة(٥) - لأنّ بدأته به لفظا يدلّ على شدّة اهتمامه و تقديمه.
١- التهذيب ٨٩٥/٢٢٨:٩.
٢- التهذيب ٨٩٧/٢٢٩:٩، و ما بين المعقوفين أثبتناه منه.
٣- العزيز شرح الوجيز ١٢١:٧.
٤- العزيز شرح الوجيز ١٢١:٧، روضة الطالبين ٧٩:٥.
٥- مختصر القدوري: ٢٤٣، مختصر اختلاف العلماء ٢١٥٥/١٣:٥، تحفة الفقهاء ٢١١:٣.