و إن لم يكن عليه دين، اعتبر عتقه من الثّلث؛ لأنّ ملكه باختياره، و بذل في مقابلته المال، فإن خرج كلّه من الثّلث صحّ الشراء، و عتق كلّه، و إلاّ ففي صحّة الشراء فيما زاد على الثّلث مثل الخلاف فيما إذا كان عليه دين، فإن قلنا: لا يصحّ، ففي قدر الثّلث الخلاف الثابت في تفريق الصفقة، و إن قلنا: يصحّ، عتق الثّلث، و لم يعتق ما زاد.
هذا إذا لم يكن هناك محاباة، فإن اشتراه محاباة، مثل أن تكون قيمته مائة فاشتراه بخمسين، كان قدر المحاباة كالموهوب، فيجيء الوجهان في أنّه هل يعتبر من الثّلث أو الأصل ؟ فإن اعتبرنا الموهوب من الثّلث، فجميع المائة من الثّلث، و إلاّ فخمسون.
ثمّ كلّما حكمنا بعتقه من الثّلث فلا يرث العتيق منه عند الشافعي؛ لأنّ عتقه وصيّة، و لا سبيل إلى الجمع بين الوصيّة و الميراث عنده، فلو ورث لصارت الوصيّة وصيّة للوارث فتبطل، و إذا بطل العتق امتنع التوريث(١).
و هذا عندنا باطل؛ لصحّة الوصيّة للوارث.
و لهم وجه: أنّه يرث؛ لأنّه لا يملك رقبته حتى يقال: أوصي له بها، و إنّما ينتفع بالعتق، فهو كانتفاع الوارث بمسجد و قنطرة بناهما الموّرث، و ذلك لا يمنع الميراث(٢).
و قال أبو حنيفة: يسعى في قيمته حتى يخرج عتقه عن أن يكون وصيّة(٣).٧.
١- العزيز شرح الوجيز ١٣٢:٧-١٣٣، روضة الطالبين ١٨٧:٥.
٢- العزيز شرح الوجيز ١٣٣:٧-١٣٤، روضة الطالبين ١٨٧:٥-١٨٩.
٣- العزيز شرح الوجيز ١٣٤:٧.