المثل، كانت المحاباة و العتق سواء، فيقسّم الثّلث بينهما؛ لأنّهما قد وقعا في حالة واحدة، و لا تقدّم المحاباة؛ لأنّها حصلت حالة إيقاع العتق، و بطلان المحاباة لا يؤثّر في التزويج و لا يبطله.
و منع بعض الشافعيّة سبق المحاباة هنا؛ لأنّ المرتّب و المرتّب [عليه](١) يقعان معا، و لا يتقدّم أحدهما على الآخر، بل يوزّع الثّلث على الزيادة و على قيمة العبد، فقد قالوا: لو قال: إن تزوّجت فأنت حرّ في حال تزويجي، إنّه يوزّع الثّلث؛ لأنّه لا يترتّب، فكذلك عند الإطلاق إذا لم يكن ترتّب زمانيّ.
و الفرق بين التعليق بالتزويج و بين مسألة العبدين حيث لا يوزّع هناك كما لا يقرع: أنّ العتق هنا متعلّق بالنكاح، و التوزيع لا يرفع النكاح و لا يقدح فيه، و هناك عتق سالم معلّق بعتق غانم كاملا، و إذا وزّعنا لا يكمل عتق غانم، فلا يمكن إعتاق شيء من سالم(٢).
و لو قال لجاريته الحامل: إن أعتقت نصف حملك فأنت حرّة، ثمّ أعتق نصف الحمل في مرض موته، لم يصح عتقها عندنا.
و قالت العامّة: قضيّة عتق ذلك النصف: سرايته إلى النصف الآخر و عتق الأم بسبب التعليق، فإن خرجا من الثّلث عتقا جميعا، و إن لم يخرج من الثّلث مع النصف المعتق إلاّ الأم أو النصف الآخر، كما لو كان جميع ماله ثلاثمائة و الأم قيمتها خمسون و الولد مائة، فيقرع بين الأم و النصف الآخر، فإن خرجت على الآخر، عتق جميع الولد و الأم رقيقة، و إن خرجت على الأم، لم تعتق كلّها؛ لأنّ الحمل في حكم جزء منها يتبع عتقه عتقها،٥.
١- ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
٢- العزيز شرح الوجيز ٦٠:٧، روضة الطالبين ١٣٢:٥.
فيوزّع تتمّة الثّلث - و هي خمسون - على الأم و على النصف الباقي بالسويّة، فيعتق من الأم نصفها، و من النصف الباقي نصفه، فتكون ثلاثة أرباعه حرّا.
و لو كانت الصورة كما ذكرنا إلاّ أنّ قيمة الأم أيضا مائة و خرجت القرعة على الأم، وزّع الخمسون عليها و على النصف الباقي أثلاثا، فيعتق منها ثلثها، و هو ثلثا الخمسين، و من النصف الباقي ثلثه، و هو ثلث الخمسين و سدس الجملة، و تكون الحرّيّة من الأم الثّلث، و من الولد الثّلثان(١).
مسألة ١٧١: لو ملك في مرض موته من يعتق عليه،
فإن كان بالإرث احتمل عتقه من الثّلث؛ لأنّه حصل في ملكه ثمّ زال، فأشبه ما إذا أعتق عبدا ورثه في مرضه، و ما إذا ورث مالا فاشترى به من يعتق عليه، و أن يعتق من الأصل؛ لأنّه لم يقصد تملّكا و لا إزالة ملك، بل حصلا بغير اختياره، و لم يبذل في مقابلته مالا فيتضرّر به الورثة.
و كلا الاحتمالين للشافعيّة وجهان(٢) ، و يحكى الثاني عن مالك(٣) ، و الأوّل أصحّ عند الشافعيّة(٤).
و لو وهب منه من يعتق عليه أو أوصي له به، فإن قلنا: إنّه لو ورثه لعتق من الثّلث، فهنا أولى.
و إن قلنا: يعتق من رأس المال فهنا وجهان للشافعيّة:
أحدهما - و به قال أبو حنيفة -: أنّه يعتق من الثّلث، كما لو وهب منه
١- العزيز شرح الوجيز ٦٠:٧، روضة الطالبين ١٣٢:٥-١٣٣.
٢- التهذيب - للبغوي - ٣٩٤:٨، العزيز شرح الوجيز ١٣١:٧، روضة الطالبين ٥: ١٨٦.
٣- كما في العزيز شرح الوجيز ١٣١:٧.
٤- التهذيب - للبغوي - ٣٩٤:٨، العزيز شرح الوجيز ١٣١:٧.