مسألة ١٦٣: لو قال: أعتقوا عبدي بعد موتي،
لم يفتقر إلى قبول العبد؛ لأنّ العتق و إن تضمّن حقّا للعبد فإنّ فيه حقّا للّه تعالى قويّا، فأشبه الوصيّة للجهات العامّة، كبناء المساجد و عمارة القناطر و إعانة الحاجّ و الزائرين.
و لو قال: أوصيت له برقبته، فهي وصيّة صحيحة يقصد بها الإعتاق.
و هل يفتقر في هذه إلى قبول العبد؟ الوجه: العدم؛ لأنّه في المعنى بمنزلة قوله: أعتقوا عبدي، و هو أحد وجهي الشافعيّة، و الأصحّ عندهم:
أنّه يفتقر إلى القبول؛ لاقتضاء الصيغة القبول، فصار كما لو قال لعبده:
وهبت منك نفسك، أو ملّكتك نفسك، فإنّه يحتاج إلى القبول في المجلس(١).
و أبو حنيفة وافقنا على عدم الاحتياج إلى القبول في شيء من هذه الصّور(٢).
و لو قال: وهبت منك(٣) نفسك، لا على جهة التمليك، بل نوى به العتق، عتق من غير قبول عند الشافعيّة(٤).
و عندي الأقرب: البطلان؛ لأنّ الاتّهاب لم يقصده، و العتق لم يأت بصيغته.
مسألة ١٦٤: إذا قال: إذا متّ فأعتقوا ثلث عبدي،
أو قال: ثلث عبدي حرّ إذا متّ، قال الشيخ رحمه اللّه في المبسوط: يعتق عنه ذلك الشقص، و لا يقوّم
١- نهاية المطلب ٢٥٥:١١، الوجيز ٢٧٩:١، الوسيط ٤٦٩:٤، العزيز شرح الوجيز ١٣٥:٧، روضة الطالبين ١٨٩:٥.
٢- العزيز شرح الوجيز ١٣٥:٧.
٣- كلمة «منك» لم ترد في العزيز شرح الوجيز و روضة الطالبين.
٤- العزيز شرح الوجيز ١٣٥:٧، روضة الطالبين ١٨٩:٥.