و المعتمد: وجوب شراء جزء من الثالثة إن أمكن؛ لأنّه أوصى بصرف الثّلث إلى الرقاب، و أقلّه ثلاثة، و بالجزء الثالث يتحقّق الجمع؛ لأنّه يستسعى و يكمل عتقه فيتعيّن، بخلاف ما وردت به الرواية من إعطاء العبد الفاضل(١)صحيح مسلم ١٣٦/٨٩:١.(٢) ؛ لأنّ الوصيّة هناك بعتق عبد و قد عمل بمقتضاها بقدر الإمكان، بخلاف صورة النزاع.
و هو أحد وجهي الشافعيّة، و الثاني لهم: لا يشترى الزائد؛ لأنّ الشقص ليس برقبة، فصار كما لو قال: اشتروا بثلثي رقبة و أعتقوه، فلم يجدوا به رقبة، لا يشترى الشقص، و لأنّ نفاسة الرقبة أمر مرغوب فيه؛ لما روي عنه صلّى اللّه عليه و اله أنّه سئل عن أفضل الرقاب، فقال: «أكثرها ثمنا و أنفسها عند أهلها»(٢) فنراعيها إذا لزمنا محذور التشقيص.
و هذا الثاني أظهر عند الشافعيّة و أظهر قولي الشافعي(٣).
فعلى قولهم بعدم شراء الشقص تشترى رقبتان نفيستان يستغرق ثمنهما الثّلث، فإن فضل عن أنفس رقبتين وجدتا بطلت الوصيّة فيه عندهم، و يردّ على الورثة(٤).
و إن قلنا: يشترى الشقص، فذاك إذا وجد شقص يشترى بالفاضل و زاد على ثمن أنفس رقبتين شيء، أمّا إذا لم يمكن شراء شقص بالفاضل٥.
١- راجع: الهامش
٢- من ص ٢٧٤.
٣- الحاوي الكبير ٢٤١:٨-٢٤٢، نهاية المطلب ١٨٢:١١، الوجيز ٢٧٥:١، حلية العلماء ١١١:٦، البيان ٢٢٧:٨، العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
٤- نهاية المطلب ١٨١:١١-١٨٢، البيان ٢٢٧:٨، العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
إمّا لقلّته أو لفقدان الشقص، فتشترى رقبتان نفيستان، فإن فضل شيء عن أنفس رقبتين وجدناهما، بطلت الوصيّة فيه عندهم(١).
و فيه وجه لهم: أنّه يوقف إلى أن يوجد شقص(٢).
فإن لم يزد على أنفس رقبتين شيء، بل أمكن شراء رقبتين نفيستين و أمكن شراء خسيستين و شقص من ثالثة، فأيّ الطريقين أولى عندهم ؟ فيه لهم وجهان:
أحدهما: الأوّل؛ لمعنى النفاسة.
و ثانيهما: الثاني؛ لما فيه من كثرة العتق(٣).
و لو كان لفظ [الموصي](٤): «اصرفوا ثلثي إلى العتق» فلا خلاف في أنّا نشتري الشقص.
و لو قال: اشتروا عبدا بألف و أعتقوه، فلم يخرج الألف من ثلثه، و أمكن شراء عبد بالقدر الذي يخرج، فيشترى و يعتق قطعا، كما لو أوصى بإعتاق عبد فلم يخرج جميعه من الثّلث، يقتصر على إعتاق القدر الذي يخرج، و به قال الشافعي(٥).
و قال أبو حنيفة: لا يشترى، و تبطل الوصيّة(٦).٤.
١- العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
٢- العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
٣- العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥-١٥٤.
٤- ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
٥- الحاوي الكبير ٢٤٢:٨، العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٤:٥، المغني ٥٧٤:٦، الشرح الكبير ٥١٢:٦.
٦- المغني ٥٧٤:٦، الشرح الكبير ٥١٢:٦، الحاوي الكبير ٢٤٢:٨-٢٤٣، العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، و ينظر: المبسوط - للسرخسي - ١٦:٢٨، و بدائع الصنائع ٣٩٣:٧، و الهداية - للمرغيناني - ٢٤٦:٤.