عملا بمقتضى اللفظ الدالّ على المطلق، فهو كما لو قال: أعطوا فلانا رقيقا، و هو أظهر وجهي الشافعيّة، و الثاني لهم: أنّه لا يعتق إلاّ من يجزئ في الكفّارة؛ لأنّ للشرع عرفا معلوما في العتق، فينزّل لفظ الموصي عليه، بخلاف العطايا و التمليكات، فإنّه لا عرف للشرع فيها خاصّا(١).
و لو قال: اشتروا بثلثي عبدا و أعتقوه عنّي، ففعل الوارث ثمّ ظهر عليه دين مستغرق، فالوجه: بطلان العتق و الشراء و الوصيّة؛ لأنّ الوارث تصرّف في التركة مع قيام الدّين المستغرق، فيكون باطلا.
و قالت الشافعيّة: إن اشتراه في الذمّة وقع عنه، و لزمه الثمن، و يكون العتق عن الميّت؛ لأنّه أعتق عنه، و إن اشتراه بعين التركة بطل الشراء(٢).
و لهم تفصيل في تصرّف الوارث في التركة مع قيام الدّين ذكروا فيه وجهين، و على تقدير البطلان لهم خلاف في أنّه إذا تصرّف ثمّ ظهر دين، تبيّن البطلان أم لا(٣).
مسألة ١٦٢: إذا قال: أعتقوا عنّي رقابا،
أو اشتروا بثلث مالي رقابا و أعتقوهم، حمل الجمع على أقلّه، و هو ثلاثة، فينظر إن أمكن شراء ثلاث رقاب فصاعدا بثلثه فعل، و الاستكثار مع الاسترخاص أولى من الاستقلال مع الاستغلاء، فلو كان هناك خمس رقاب قليلة القيمة يمكن شراؤهم بالثّلث كان أولى من شراء أربع كثيرة القيمة؛ لما فيه من تخليص رقبة زائدة عن الرقّ.
١- المهذّب - للشيرازي - ٤٦٤:١، الوجيز ٢٧٥:١، الوسيط ٤٤١:٤، البيان ٨: ٢٢٥، العزيز شرح الوجيز ٨٥:٧، روضة الطالبين ١٥٢:٥.
٢- نهاية المطلب ١٨٣:١١، البيان ٢٢٦:٨-٢٢٧، العزيز شرح الوجيز ٨٥:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
٣- العزيز شرح الوجيز ٨٥:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
و لا يجوز صرف الثّلث إلى رقبتين أو رقبة مع إمكان الثلاث فما زاد، فإن صرفه في اثنتين أو واحدة مع إمكان الثلاث أو الأربع، احتمل بطلان الشراء و العتق؛ لأنّه خالف مقتضى الوصيّة فلا يتعذّر.
و قال بعض الشافعيّة: لو اشترى الوصي رقبتين مع إمكان شراء ثلاث رقاب، ضمن ثلث ما نفذ فيه الوصيّة أو أقلّ ما يجد به رقبة على خلاف بينهم فيه(١).
و لو لم يمكن شراء ثلاث رقاب بالثّلث، نظر فإن لم يوجد به إلاّ رقيقان اشتريا و عتقا، و لو أمكن شراء رقبتين و جزء من ثالثة اشتري الرقبتان.
و هل يجب شراء الزائد عليهما؟ كلام الشيخ رحمه اللّه يشعر بعدم الوجوب؛ لأنّه قال: يجب شراء ثلاث رقاب و يعتقون؛ لأنّه أقلّ الجمع، فإن قصر الثّلث عن ثلاثة و زاد على اثنتين جعل الرقبتين أكثرهما ثمنا، و لا يفضّل شيئا، ثمّ قال: و في الناس من قال: يجعل في عبدين و في جزء من ثالث، و روى أصحابنا أنّه إذا أوصى بعتق عبد بثمن معلوم فوجد بأقلّ منه، أعطي البقيّة ثمّ أعتق(٢).
و قال في الخلاف: ينبغي أن يشترى بالثّلث ثلاثة فصاعدا؛ لأنّهم أقلّ الجمع، فإن لم يبلغ و بلغ اثنين فصاعدا أو جزءا(٣) من الثالث، فإنّه يشترى الاثنان و يعتقان و يعطيان البقيّة؛ لإجماع الفرقة، فإنّ هذه منصوصة لهم(٤).٦.
١- العزيز شرح الوجيز ٨٦:٧، روضة الطالبين ١٥٣:٥.
٢- المبسوط - للطوسي - ٢٢:٤.
٣- في المصدر: «و بلغ اثنين و جزءا».
٤- الخلاف ١٤٥:٤-١٤٦، المسألة ١٦.