و لو أوصى لامرأة أجنبيّة و أوصت له ثمّ تزوّجها، جازت وصيّتها له عندنا.
و عند العامّة لا تجوز إلاّ مع إجازة الورثة(١).
و لو أوصى أحدهما للآخر ثمّ طلّقها، جازت الوصيّة عندهم؛ لخروجه عن كونه وارثا، إلاّ أنّه إذا طلّقها في مرض موته فقياس مذهب العامّة أنّها لا تعطى أكثر من ميراثها؛ لأنّه يتّهم في أنّه طلّقها ليوصل إليها ماله بالوصيّة، فلم ينفذ ذلك لها، كما لو طلّقها في مرض موته و أوصى لها بأكثر ممّا كانت ترث(٢).
مسألة ١٣٧: اختلف علماؤنا في أنّ الإجازة و الردّ هل يشترط فيهما موت الموصي
بحيث لو أجاز الورثة الوصيّة بالجميع أو بالزائد على الثّلث في حياة الموصي لم يكن بإجازتهم اعتبار، بل لهم الرجوع في الإجازة، و كذا في الردّ لو ردّ الورثة الوصيّة ثمّ مات الموصي فأجازوا، صحّت الإجازة و بطل الردّ، أو لا يشترط موت الموصي فيهما، بل متى أجازوا لم يكن للورثة الردّ بعد موت الموصي ؟
فقال المفيد و سلاّر و ابن إدريس من علمائنا بالأوّل(٣) - و به قال ابن مسعود و شريح و طاوس و الحكم و الثوري و الحسن بن صالح بن حيّ و الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر و أبو حنيفة و أصحابه(٤) - لأنّهم أسقطوا
١- المغني ٤٦٠:٦، الشرح الكبير ٤٦٩:٦.
٢- المغني ٤٦٠:٦، الشرح الكبير ٤٦٩:٦-٤٧٠.
٣- المقنعة: ٦٦٩-٦٧٠، المراسم: ٢٠٣، السرائر ١٩٤:٣.
٤- المغني ٤٥٨:٦، الشرح الكبير ٤٧٠:٦، المهذّب - للشيرازي - ٤٥٧:١، حلية العلماء ٧٠:٦، البيان ١٣٥:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٦:٧، روضة الطالبين ٥: -
حقوقهم فيما لم يملكوه، فلم يلزمهم، كالمرأة إذا أسقطت صداقها قبل النكاح، أو أسقط الشفيع حقّه من الشفعة قبل البيع، و لأنّها حالة لا يصحّ فيها [ردّهم](١) للوصيّة فلم يصح فيها [إجازتهم](٢) كما قبل الوصيّة.
و الجواب: لو لا تعلّق حقّ الوارث لم يمنع المريض، و الإجازة إنّما هي تنفيذ فعل قد حصل، فلا يتحقّق قبل الوصيّة، و الفرق بين الردّ و الإجازة ظاهر؛ فإنّ الردّ إنّما لم يعتبر حال حياة الموصي؛ لأنّ استمرار الوصيّة يجري مجرى تجدّدها حالا فحالا، بخلاف الردّ بعد الموت و الإجازة حال الحياة.
و قال الشيخ رحمه اللّه: لا يشترط في الإجازة موت الموصي، فليس لهم الرجوع بعد موت الموصي فيما أجازوه حال حياته(٣) ، و به قال ابن حمزة(٤) و ابن الجنيد و الصدوق(٥) من علمائنا، و هو المعتمد عندي، و هو أيضا قول الحسن البصري و عطاء و حمّاد بن أبي سليمان و عبد الملك بن يعلى و الزهري و ربيعة و الأوزاعي و ابن أبي ليلى(٦) ؛ لعموم قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ٨.
١- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «ردّها». و الصحيح ما أثبتناه.
٢- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «إجازته». و الصحيح ما أثبتناه.
٣- الخلاف ١٤٤:٤، المسألة ١٤.
٤- - ١٠٥، أحكام القرآن - للجصّاص - ٩٨:٢-٩٩، النتف ٨١٩:٢، المبسوط - للسرخسي - ١٥٤:٢٧، مختصر اختلاف العلماء ٢١٥٠/٥:٥، المحلّى ٩: ٣١٩.
٥- الفقيه ١٤٧:٤-٥١٢/١٤٨.
٦- المغني ٤٥٨:٦-٤٥٩، الشرح الكبير ٤٧٠:٦، مختصر اختلاف العلماء ٥: ٢١٥٠/٥، أحكام القرآن - للجصّاص - ٩٩:٢، المبسوط - للسرخسي - ٢٧: ١٥٤، المحلّى ٣١٩:٩، حلية العلماء ٧٠:٦، البيان ١٣٥:٨.