غيره، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، كيف القضاء فيه ؟ قال: «ما يعتق منه إلاّ ثلثه، و سائر ذلك الورثة أحقّ بذلك، و لهم ما بقي»(١).
و لا نعلم في هذين الحكمين خلافا.
و لو أجازوا صحّت الوصيّة بأسرها إجماعا؛ لأنّ الحقّ لهم، و لو لم يجيزوا مضت في الثّلث خاصّة، و بطلت في الزائد.
و لا فرق في ذلك عندنا بين الوارث و غيره، خلافا للعامّة، فإنّهم شرطوا في الوصيّة للوارث إجازة الورثة و إن كانت بالثّلث فما دون، و قد تقدّم(٢) البحث معهم.
و اعلم أنّ ما قلناه لا ينافي قول الشيخ عليّ بن بابويه رحمه اللّه من أنّه لو أوصى بالثّلث فهو الغاية في الوصيّة، فإن أوصى بماله كلّه فهو أعلم و ما فعله، و يلزم الوصي إنفاذ وصيّته على ما أوصى؛ لرواية عمّار الساباطي عن الصادق عليه السّلام قال: «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كلّه فهو جائز له»(٣) لأنّ قول ابن بابويه لا دلالة فيه على مخالفة ما قلناه، فإنّا نسلّم أنّ الموصي أعلم بما فعل، و أمّا إنفاذ الوصيّة فنحن نقول بموجبه؛ لأنّا نوجب على الوصي إنفاذ وصيّته بمقتضى الشرع، و هو أنّ الورثة إن أجازوا الوصيّة أخرجت بأسرها، و إن ردّوا مضت من الثّلث، فهذا تنفيذ الوصيّة.
و قول الصادق عليه السّلام: «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح» لا يدلّ على مخالفة ما تقدّم، فإنّ المريض أحقّ بماله يصنع به مهما شاء من البيع١.
١- التهذيب ٧٨١/١٩٤:٩، الاستبصار ٤٥٥/١٢٠:٤.
٢- في ص ١١٦، ضمن المسألة ٦٦، و ص ١١٨، المسألة ٦٨.
٣- الكافي ٢/٧:٧، الفقيه ٥٢٠/١٥٠:٤، التهذيب ٧٥٣/١٨٧:٩، الاستبصار ٤: ٤٥٩/١٢١.
و غيره، فإن أوصى به كلّه جاز، فإن أجاز الورثة نفذ ما أوصى به، و إلاّ فسخت الوصيّة في الثّلثين، و يؤيّد ذلك قول ابن بابويه: فإن أوصى بالثّلث فهو الغاية في الوصيّة.
مسألة ١٣٠: إذا زادت الوصيّة على الثّلث فأجاز الورثة،
لزمت الوصيّة.
و هل الإجازة تنفيذ و إمضاء لتصرّف الموصي، أم ابتداء عطيّة من الورثة ؟
الحقّ عندنا: الأوّل - و هو أصحّ قولي الشافعي(١) - لأنّ الملك باق على المريض، لم يخرج عنه بمرضه، فتصرّفه فيه صحيح؛ لأنّه تصرّف مصادف للملك، و حقّ الوارث إنّما يثبت في ثاني الحال، فأشبه بيع الشقص المشفوع، و أيضا لو برأ من مرضه نفذت تصرّفاته المنجّزة، و لم يفتقر إلى الاستئناف.
و القول الثاني للشافعي: إنّ الإجازة ابتداء عطيّة من الورثة، و تصرّف الموصي لاغ في الزيادة على الثّلث، لأنّه منهيّ عنه، و النهي يقتضي الفساد، و لأنّ الزيادة متعلّق حقّ الورثة، فيلغو تصرّفه فيها، كتصرّف الراهن في المرهون(٢).
و نمنع النهي مطلقا، بل إنّما يثبت لحقّ الوارث، فإذا رضي به زال سبب النهي، و نمنع اقتضاء النهي الفساد، و نمنع تعلّق حقّ الورثة بالزيادة حالة حياة الموصي، سلّمنا لكن نمنع بطلان تصرّف الموصي، أقصى ما في الباب أنّه يكون تصرّف المتبرّع الفضولي، و نمنع تصرّف الراهن أيضا.
١- نهاية المطلب ٩٥:١١، البيان ١٣٢:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٣:٧، روضة الطالبين ١٠٣:٥-١٠٤.
٢- نهاية المطلب ٩٥:١١، البيان ١٣٢:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٣:٧، روضة الطالبين ١٠٣:٥-١٠٤.
مسألة ١٣١: لو لم يكن للميّت وارث خاصّ فأوصى بجميع ماله أو بما زاد على الثّلث،