لا يمكن صدوره عنه، و أيّ ظلم أعظم من ذلك ؟ تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
و ثالثها: أنّهم جوّزوا بواسطة ذلك تكليف الأعمى قراءة المصاحف و نقطها، و التمييز بين الألوان، و تكليف الزّمن من العدو، و تكليف الإنسان الطيران إلى السماء، و يعذّب على ترك ذلك، و هذا من أعظم أنواع الظلم.
و رابعها: أنّهم يلزمهم تكذيب القرآن العزيز، فإنّ اللّه تعالى يقول:
وَ ما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ (١) وَ مَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٢) وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظّالِمِينَ (٣) و أهل السّنّة و الجماعة يقولون:
لم يكونوا ظالمين، بل اللّه تعالى ظلمهم.
و خامسها: أنّه يلزمهم نفي صفات الكمال عن اللّه تعالى، مثل قوله تعالى: غَفُوراً رَحِيماً (٤)حَلِيماً (٥) لأنّ هذه الصفات إنّما تثبت لو استحقّ العبد العذاب ثمّ عفا اللّه تعالى عنه و غفر له و رحمه، لكن استحقاق العقاب إنّما يكون على ارتكاب ما نهى اللّه تعالى عنه، فإذا كان الفعل من اللّه تعالى لم يتحقّق شيء من ذلك.
و سادسها: أنّه يلزم منه تكذيب القرآن العزيز في مواضع لا تحصى كثرة، كالآيات التي أضاف اللّه تعالى الفعل فيها إلى العبد: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ١.
١- سورة فصّلت: ٤٦.
٢- سورة غافر: ٣١.
٣- سورة الزخرف: ٧٦.
٤- سورة النساء: ٢٣ و ٩٦ و ١٠٦ و ١١٠ و ١٢٩ و ١٥٢، سورة الفرقان: ٦ و ٧٠، سورة الأحزاب: ٥ و ٢٤ و ٥٠ و ٥٩ و ٧٣، سورة الفتح: ١٤.
٥- سورة الإسراء: ٤٤، سورة الأحزاب: ١٥، سورة فاطر: ٤١.