للإجماع، و إذا كان ممكنا كيف ينسب من يعتقد وقوعه - مستندا إلى هذا الإمكان و إلى أخبار كثيرة وردت عليه من جماعة يعتقد عدالتهم و أمانتهم و صدقهم - إلى الجهل!؟ بل لو اجتمعت هذه المعلومات(١) عند من حكم بالجهل ثمّ لم يعتقد النتيجة منها كان أجهل الناس، بل الأولى صرف هذه الوصيّة إلى منكري الضروريّات، كالسوفسطائيّة و من ضارعهم من أهل السّنّة و الجماعة.
و لو خصّص الوصيّة، فقال: يعطى هذا لأجهل المسلمين، قالوا:
ينبغي أن يصرف إلى من ضارع السوفسطائيّة في إنكار الضروريّات من أهل السّنّة و الجماعة(٢).
و بيان ذلك: أنّ أهل السّنّة و الجماعة التزموا برؤية اللّه تعالى، و هذا اعتقاد مخالف لما قضت به بديهة العقل، فإنّ الضرورة قاضية بأنّ الرؤية إنّما تكون للمقابل أو في حكمه، و هو مخصوص بذوات الأوضاع، فما لا وضع له لا يمكن رؤيته بضرورة العقل، و كيف يحكم عاقل بأنّا نرى ما ليس في جهة و لا يشار إليه بإشارة حسّيّة أنّه هنا أو هناك!؟
و أيضا ذهبوا إلى أنّه يجوز أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة من الأرض إلى السماء و هي مشرقة بألوان مختلفة و لا حاجب بيننا و بينها و نور الشمس قد سطع عليها و أشرقت به و صاحب الحاسّة السليمة لا يشاهدها و بينها و بينه أقلّ من شبر، و أنّه يجوز أن يشاهد الأعمى الذي لم يخلق اللّه تعالى له حاسّة البصر و هو على طرف المشرق - مثلا - نملة بقدر رأس الإبرة تمشي على صخرة سوداء في طرف قطر المغرب.٥.
١- في النّسخ الخطّيّة: «المقدّمات» بدل «المعلومات».
٢- ينظر: العزيز شرح الوجيز ٩١:٧، و روضة الطالبين ١٥٧:٥.