و لو نذر أن يتصدّق بشيء، فالأولى تحريمها على الغني؛ لأنّها صارت واجبة، فصار مصرفها مصرف الصدقات المفروضة، أمّا لو نذر أن يتصدّق على الأغنياء صحّ نذره و لزمه؛ لأنّه نذر في معروف.
ثمّ إن كانوا معيّنين لم يجز العدول إلى غيرهم، و لو لم يكونوا معيّنين احتمل جواز الصرف إلى غير(١) الأغنياء؛ لأنّهم أكثر استحقاقا.
و قد عرفت أنّ صدقة السرّ أفضل، أمّا لو اتّهم بترك المواساة أو قصد بالإظهار متابعة الناس له في ذلك و اقتداءهم به فالأولى الإظهار؛ دفعا للتهمة و تحريضا على نفع الفقراء.
مسألة ٥٦: الصدقة عقد من العقود يفتقر إلى إيجاب و قبول و إقباض و نيّة التقرّب،
و إذا حصل الإقباض لم يجز الرجوع فيها عند علمائنا أجمع - و به قال مالك و أصحاب الرأي(٢) - لأنّها هبة قصد بها الثواب و قد حصل بالدفع إلى الفقير، فتكون هبة قد عوّض عنها، و مع العوض لا يرجع.
و لقوله عليه السّلام: «الراجع في هبته كالراجع في قيئه»(٣) و الرجوع في القيء حرام.
و قال الصادق عليه السّلام: «لا يرجع في الصدقة إذا تصدّق [بها] ابتغاء وجه اللّه عزّ و جلّ»(٤).
١- كلمة «غير» لم ترد في النّسخ الخطّيّة.
٢- الذخيرة ٢٢٣:٦، المبسوط - للسرخسي - ٩٢:١٢، العزيز شرح الوجيز ٦: ٣٢٤، المغني ٣٠٨:٦، الشرح الكبير ٣٠٤:٦.
٣- تقدّم تخريجه في ص ٢٩، الهامش (٥)، و في المصادر: «العائد في هبته كالعائد في قيئه».
٤- الفقيه ٦٣٩/١٨٢:٤، التهذيب ٥٧٧/١٣٧:٩، الاستبصار ٣٩٠/١٠٢:٤، و ما بين المعقوفين أثبتناه منها.