عليهم.
و لو كان بيع الوقف أنفع من بقائه، قال الشيخ المفيد: يجوز تغيير الشرط في الوقف إلى غيره، و ذلك أن يكون قد شرط الواقف أنّه إن احتاج إليه في حياته لفقر كان له بيعه و صرف ثمنه في مصالحه(١) ؛ لرواية إسماعيل ابن الفضل عن الصادق عليه السّلام، و قد سلفت(٢).
و الوقف إن قلنا: إنّه ينتقل إلى الموقوف عليه، ثبت بالشاهد و اليمين؛ لأنّ المقصود منه المال، و إن قلنا: إنّه ينتقل إلى اللّه تعالى، لم يثبت بالشاهد و اليمين، كالعبد لو ادّعى العتق.
و يحتمل عندي على القول بانتقاله إلى اللّه تعالى ثبوته بالشاهد و اليمين و إن لم ينتقل إليه؛ لأنّه يحلف لتحصيل غلّته و منفعته، فلمّا كان المقصود من الوقف المنفعة و هي مال، ثبت بالشاهد و اليمين، بخلاف حرّيّة العبد؛ لأنّ المقصود منها تكميل الأحكام.
و إذا كان الوقف عامّا بحيث يدخل الواقف فيه - مثل أن يقف المسلم على المسلمين، أو يقف على فقرائهم ثمّ يصير فقيرا، أو يقف مسجدا و قنطرة و أشباه ذلك - جاز له الدخول في الانتفاع، كباقي المسلمين، و ادّعى الشيخ رحمه اللّه فيه الإجماع، فإنّه يعود إلى أصل الإباحة، فيكون هو و غيره فيه سواء(٣).
و قال ابن إدريس: إذا وقف شيئا على المسلمين عامّة، جاز له الانتفاع به عند بعض أصحابنا؛ لأنّه يعود إلى أصل الإباحة، و إن كان ما٣.
١- المقنعة: ٦٥٢.
٢- في ص ١٨٠.
٣- المبسوط - للطوسي - ٢٩٩:٣.
وقفه دارا أو منزلا و كان وقفه عامّا في سائر الناس، كالدور التي ينزلها الحاج، و الخانات، جاز له النزول فيها، و إن لم يكن كذلك لم يجز له.
ثمّ قال: و يقوى عندي أنّ الواقف لا يجوز له الانتفاع بما وقفه على حال؛ لما بيّنّاه و أجمعنا عليه من أنّه لا يصحّ وقفه على نفسه(١).
و الوجه: أن نقول: إن انتقل الوقف إلى اللّه تعالى - كالمساجد - كان للواقف الانتفاع به كغيره، و إن انتقل إلى الخلق لم يدخل؛ لأنّه لو دخل تحت اللفظ العامّ لكان قد وقف على نفسه و غيره، فيبطل في حقّ نفسه؛ لتساوي نسبة أفراد العامّ إليه، فلو كان مرادا منه لكان قد وقف على نفسه و غيره، و إن لم يكن مرادا لم يدخل في الوقف.
و عدّ ابن حمزة من شرائط صحّته تسلّم الوقف من الموقوف عليه أو من وليه، إلاّ إذا جعل ولاية الوقف لنفسه مدّة حياته(٢).
و هذا القول يشعر بأنّه إذا شرط الولاية لنفسه لم يكن القبض شرطا.
و هو ممنوع؛ لأنّ القبض شرط؛ لما رواه عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام أنّه قال في رجل تصدّق على ولد له قد أدركوا، فقال: «إذا لم يقبضوا حتى يموت فهو ميراث»(٣) و عدم الشرط يستلزم عدم المشروط.
و قال الشيخ: إذا وقف على ولده الموجودين و كانوا صغارا ثمّ رزق بعد ذلك أولادا جاز أن يدخلهم معهم فيه، و لا يجوز أن ينقله عنهم بالكلّيّة إليهم(٤).٦.
١- السرائر ١٥٥:٣.
٢- الوسيلة ٣٦٩:٣.
٣- الفقيه ٦٣٩/١٨٢:٤، التهذيب ٥٧٧/١٣٧:٩، الاستبصار ٣٩٠/١٠٢:٤.
٤- النهاية: ٥٩٦.