و هذا كما لو وقف على ثغر فاتّسعت رقعة الإسلام، فإنّ ريع الوقف يحفظ؛ لاحتمال عوده ثغرا، و لأنّ الانتفاع في الحال بالصلاة في العرصة ممكن(١).
و الوجه: أن يقال: يجوز بيع الوقف مع خرابه و عدم التمكّن من عمارته، أو مع خوف فتنة بين أربابه يحصل باعتبارها فساد لا يمكن استدراكه مع بقائه؛ لأنّ الغرض من الوقف استيفاء منافعه، و إذا تعذّرت يجوز إخراجه عن حدّه، تحصيلا للغرض منه، و البقاء على العين مع تعطيلها تضييع للغرض و إبطال لقصد الواقف، كما لو عطّل الهدي ذبح في الحال و إن اختصّ بموضع، فلمّا تعذّر المحلّ ترك مراعاة الخاصّ المتعذّر.
و لما رواه عليّ بن مهزيار - في الصحيح - قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام: إنّ فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها و جعل لك من الوقف الخمس و يسأل عن رأيك في بيع حصّتك من الأرض، أو تقويمها على نفسه بما اشتراها أو يدعها موقفة ؟ فكتب عليه السّلام إليّ: «أعلم فلانا أنّي آمره ببيع حقّي من الضيعة و إيصال ثمن ذلك إليّ، و أنّ ذلك رأيي إن شاء اللّه، أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أرفق له» و كتبت إليه: إنّ الرجل كتب: إنّ بين من وقف بقيّة هذه الضيعة عليهم اختلافا شديدا و إنّه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف و يدفع إلى كلّ إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته ؟ فكتب بخطّه إليّ: «و أعلمه(٢) أنّ رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أنّ بيع الوقف أمثل فإنّه ربمار.
١- المهذّب - للشيرازي - ٤٥٢:١، الوسيط ٢٦٠:٤ و ٢٦١، حلية العلماء ٣٧:٦ و ٣٩، التهذيب - للبغوي - ٥٢٤:٤ و ٥٢٥، البيان ٨٦:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٩٨:٦ و ٢٩٩، روضة الطالبين ٤١٩:٤ و ٤٢٠.
٢- في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «و أعلم». و المثبت كما في المصدر.