بعدهم على غيرهم و كان الواقف قد شرط رجوعه إلى غير ذلك إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها، لم يجز بيعه على وجه من الوجوه، و إن كان وقفا على قوم مخصوصين و ليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم حسب ما قدّمناه و حصل الخوف من هلاكه و إفساده، أو كان بأربابه حاجة ضروريّة يكون بيعه أصلح لهم من بقائه عليهم، أو يخاف من وقوع خلاف بينهم يؤدّي إلى فساد، فإنّه يجوز حينئذ بيعه و صرف ثمنه في مصالحهم على حسب استحقاقهم، فإن لم يحصل شيء من ذلك لم يجز بيعه أيضا على وجه من الوجوه(١).
فقد اتّفق هؤلاء العلماء من أصحابنا على جواز بيعه في الجملة.
و أطلق ابن الجنيد المنع من البيع(٢).
و قال ابن إدريس: لا يجوز البيع مطلقا، سواء خرب أو لا، و سواء خيف وقوع فتنة بين أربابه أو لا(٣).
و أمّا العامّة فقال الشافعي و مالك: لا يجوز بيع شيء من ذلك؛ لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لا يباع أصلها و لا يبتاع و لا يوهب و لا يورث» و لأنّ ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطيلها، كالعبد إذا أعتق، و أشبه الأشياء بالعتق المسجد؛ لأنّ في بيعه إبطال حرمته(٤).
و قال أحمد: إذا خرب الوقف و بطلت منافعه، كدار انهدمت، أو أرض خربت و عادت مواتا و لم يمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية٦.
١- المهذّب - لابن البرّاج - ٩٢:٢، و ينظر: الكافي في الفقه: ٣٢٥.
٢- كما في الانتصار: ٢٢٧.
٣- السرائر ١٥٣:٣.
٤- حلية العلماء ٣٧:٦، البيان ٨٦:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٩٩:٦، روضة الطالبين ٤٢٠:٤، المغني ٢٥١:٦-٢٥٢، الشرح الكبير ٢٦٧:٦.