و زاد بعضهم فقال: إن وقف على المسجد، صحّ؛ لمشابهته الإعتاق، و إن وقف على إنسان، فإن قلنا: الملك ينتقل في الوقف إلى الموقوف عليه، فهو على الخلاف في بيع المستأجر، إن لم نصحّحه فكذلك الوقف، و إن صحّحناه فيخرّج حينئذ على الخلاف في الوقف المنقطع الأوّل، و إن قلنا:
ينتقل إلى اللّه تعالى، فوجهان؛ لافتقاره إلى القبول(١).
و وقف الورثة الموصى بمنفعته شهرا كوقف المستأجر.
مسألة ٩٢: لو استأجر أرضا ليبني فيها أو يغرس فبنى و غرس
ثمّ وقف البناء أو الغراس، احتمل الصحّة؛ لاستجماعه جميع شرائط الصحّة، فإنّه مملوك يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه انتفاعا مباحا، و العدم؛ لأنّ مالك الأرض متمكّن من هدم البناء و رفع الشجر، فكأنّه وقف ما لا ينتفع به.
و للشافعيّة وجهان كهذين الاحتمالين، و هما كالوجهين في أنّ الباني لو انفرد ببيع البناء هل يجوز بيعه أم لا؟ أمّا لو وقف صاحب الأرض أرضه و صاحب البناء أو الغراس بناءه أو غراسه فإنّه يصحّ إجماعا منهم، كما لو اجتمعا على البيع(٢).
و إذا قلنا بصحّة الوقف، فإذا مضت المدّة و قلع مالك الأرض البناء، فإن بقي منتفعا به بعد [القلع](٣) فهو وقف كما كان، و إن لم يبق، صار ملكا للموقوف عليه، و هو أحد وجهي الشافعيّة، و الثاني لهم: أنّه يرجع إلى الواقف(٤).
و أمّا أرش النقص الذي يؤخذ من القالع يسلك به مسلك الوقف.
١- العزيز شرح الوجيز ٢٥٤:٦، روضة الطالبين ٣٨١:٤.
٢- العزيز شرح الوجيز ٢٥٤:٦، روضة الطالبين ٣٨١:٤.
٣- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «النقل». و المثبت كما في العزيز شرح الوجيز و روضة الطالبين، لاحظ الهامش التالي.
٤- العزيز شرح الوجيز ٢٥٤:٦، روضة الطالبين ٣٨١:٤.