أمّا لو وقف الكافر، فقد قال بعض علمائنا بالجواز(١).
و منعه الشافعي و أحمد و غيرهما من العامّة؛ لأنّ ما لا يصحّ الوقف عليه لا يصحّ من الذمّيّ، كالوقف على غير معيّن(٢).
ثمّ اعترضوا على أنفسهم: بأنّ أهل الكتاب إذا عقدوا عقودا فاسدة و تقابضوا ثمّ أسلموا و ترافعوا إلينا لم ننقض ما فعلوه، فكيف أجزتم الرجوع فيما وقفوه على كنائسهم!؟.
و أجابوا: بأنّ الوقف ليس عقد معاوضة، و إنّما هو إزالة للملك في الموقوف على وجه القربة، فإذا لم يقع صحيحا لم يزل الملك، فيبقى بحاله، كالعتق(٣).
مسألة ٧١: لا يجوز الوقف على معونة الزناة أو قطّاع الطريق أو شاربي الخمر و إن كانوا مسلمين؛
لأنّ الإعانة على فعل المعصية معصية، و من شرط صحّة الوقف التقرّب إلى اللّه تعالى، و لا يصحّ التقرّب بالمحرّم.
و أمّا المرتدّ و الحربي فلا يجوز الوقف عليهما - و هو أصحّ وجهي الشافعيّة(٤) - لأنّهما مقتولان لا بقاء لهما، و الوقف صدقة جارية، فكما لا يوقف ما لا دوام له لا يوقف على من لا دوام له، و لأنّ الحربيّ و المرتدّ
١- المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢١٤:٢.
٢- المغني ٢٦٨:٦، الشرح الكبير ٢١٤:٦، و لم نعثر على من منعه من العامّة غيرهما.
٣- المغني ٢٦٨:٦، الشرح الكبير ٢١٤:٦.
٤- المهذّب - للشيرازي - ٤٤٨:١، الوجيز ٢٤٥:١، الوسيط ٢٤٢:٤، حلية العلماء ١٤:٦، التهذيب - للبغوي - ٥١١:٤، البيان ٥٤:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٥٥:٦، روضة الطالبين ٣٨١:٤.