الواقف(١).
و ليس بجيّد؛ لأنّ مطلق الوقف على الفقراء ينصرف إلى غير الغني، مع أنّ الغني حالة الوقف لا يدخل فيه، فإن افتقر دخل، كذا هنا.
مسألة ٦٣: لا فرق بين أن يشترط لنفسه الانتفاع به مدّة حياته أو مدّة معلومة،
و سواء قدّر ما يأكل منه أو أطلقه في الصحّة عند من يقول بها، و البطلان عند من يقول به، إلاّ أنّه إذا شرط أن ينتفع به مدّة معلومة عند من يقول بالصحّة، أو شرط لغيره من أقاربه أو الأجانب فمات المجعول له في أثنائها، كان ذلك لورثته، كما لو باع دارا و شرط أن يسكنها سنة فمات في أثنائها، فإنّ السكنى تنتقل إلى الوارث.
و لو شرط أن يأكل أهله منه، صحّ الوقف و الشرط؛ لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شرط ذلك في صدقته(٢) ، و شرطته فاطمة عليها السّلام(٣).
و إن شرط أن يأكل الوالي على الوقف شيئا منه أو يطعم صديقا، جاز، فإن وليها الواقف جاز أن يأكل و يطعم صديقه، عملا بالشرط، و لا يكون ذلك شرطا للنفع على نفسه.
المطلب الثالث: في الموقوف عليه.
مسألة ٦٤: يشترط في الموقوف عليه الوجود،
و صحّة أن يملك، و التعيين، و انتفاء تحريم الوقف عليه.
١- نفس المصادر.
٢- المغني ٢١٥:٦، الشرح الكبير ٢١٦:٦.
٣- راجع: الكافي ٤٨:٧ و ٢/٤٩ و ٤-٦، و الفقيه ٦٣٢/١٨٠:٤ و ٦٣٣، و التهذيب ١٤٤:٩-٦٠٣/١٤٥ و ٦٠٤، و السنن الكبرى - للبيهقي - ١٦١:٦.
إذا ثبت هذا، فنقول: الوقف إن كان على شخص معيّن أو على أشخاص معيّنين، وجب أن يكون الموقوف عليه أهلا لتملّك الوقف؛ لأنّ الوقف إمّا هو تمليك العين و المنفعة إن قلنا: إنّ الوقف يملكه الموقوف عليه، و إمّا تمليك منفعة إن لم نقل به، فلا يصحّ الوقف على المعدوم ابتداء، و يجوز تبعا، فلو وقف على من سيولد له ابتداء لم يصح؛ إذ لا مصرف للوقف هنا.
نعم، يصحّ تبعا، كما يقف على ولده الموجود ثمّ على من سيولد له، سواء رتّب أم لا.
و كذا لا يصحّ الوقف على الحمل؛ لعدم تيقّن حياته، بخلاف الوصيّة، فإنّها تصحّ له؛ لأنّ الوصيّة تتعلّق بالمستقبل، و الوقف تسليط في الحال.
و لا يصحّ الوقف على الملائكة و الجنّ و الشياطين؛ لعدم صلاحيّتهم للتملّك.
مسألة ٦٥: لا يجوز الوقف على العبد؛
لأنّه ليس أهلا للتملّك، و الوقف تمليك إمّا لعين و منفعة أو لمنفعة.
و لا فرق بين أن يكون العبد قنّا أو مدبّرا أو أمّ ولد أو مكاتبا مشروطا؛ لأنّه لم يخرج عن حدّ الرقّيّة، و إنّما يخرج عنها بأداء جميع ما عليه، أمّا المكاتب المطلق فإن أدّى شيئا من مال الكتابة صحّ الوقف في نصيب الحرّيّة.
و لا فرق بين أن يقف على عبد نفسه أو على عبد غيره.
و من جوّز من علمائنا أن يملك العبد ما يملّكه مولاه لم يبعد جواز وقف مولاه عليه؛ لأنّه نوع تمليك.
و يحتمل المنع؛ لأنّ ملكه غير مستقرّ، و الوقف تمليك مستقرّ دائم فتنافيا.
و للشافعيّة قولان:
أحدهما: المنع من الوقف على العبد؛ لأنّه لا يملك(١).
و الثاني: الجواز؛ لأنّه يملك(٢).
و القولان مفرّعان على الملك و عدمه، فعلى الجواز عندهم إذا عتق كان الوقف له دون سيّده(٣).
و على القول بالمنع لو وقف على عبد غيره بطل، و لم يكن وقفا على سيّده؛ لأنّ الواقف لم يقصده بالوقف.
و للشافعي قولان، أحدهما: أنّ الوقف على العبد وقف على سيّده إن قلنا: إنّ العبد لا يملك ما يملّكه مولاه، كما لو وهب منه أو أوصى له، و إذا شرطنا القبول جاء فيه الخلاف بينهم في أنّه هل يستقلّ بقبول الهبة و الوصيّة، أم يحتاج إلى إذن السيّد؟(٤).
و أمّا الوقف على المكاتب فقد بيّنّا حكمه عندنا.
و للشافعيّة قولان:٤.
١- المهذّب - للشيرازي - ٤٤٨:١، الوسيط ٢٤٢:٤، الوجيز ٢٤٥:١، حلية العلماء ١٥:٦، التهذيب - للبغوي - ٥١١:٤، البيان ٥٤:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٥٥:٦، روضة الطالبين ٣٨١:٤.
٢- الوجيز ٢٤٥:١.
٣- حلية العلماء ١٥:٦، البيان ٥٥:٨، العزيز شرح الوجيز ٢٥٥:٦-٢٥٦، روضة الطالبين ٣٨٢:٤.
٤- العزيز شرح الوجيز ٢٥٦:٦، روضة الطالبين ٣٨٢:٤.