_________________
ـ ويحك كم تحوم وتجول ، حول من لا تدركه العقول ، كم أقول كم أقول! خلّوا هذا الفضول! فارتجّ المجلس ، وصرخ الناس ، وعلت الأصوات وطاب الواعظ وطرب ، وخرج من هذا الفصل إلى غيره فشطح شطح الصوفية ، وقال : سلوني قبل أن تفقدوني ، وكرّرها ، فقام إليه الكزيّ فقال : يا سيدي ما سمعنا أنّه قال هذه الكلمة إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وتمام الخبر معلوم ، وأراد الكزيّ بتمام الخبر قوله عليه السلام : «لا يقولها بعدي إلاّ مدّع» ، فقال الواعظ وهو في نشوة طربه ، وأراد اظهار فضله ومعرفته رجال الحديث والرواة : من عليّ بن أبي طالب؟ أهو عليّ ابن أبي طالب بن المبارك النيسابوري؟ أم عليّ بن أبي طالب بن إسحاق المروزي؟ أم عليّ بن أبي طالب بن عثمان القيرواني؟ أم عليّ بن أبي طالب ابن سليمان الرازي؟ وعدّ سبعة أو ثمانية من أصحاب الحديث كلّهم عليّ ابن أبي طالب ، فقام إليه الكزيّ وقام من يمين المجلس آخر ومن يسار المجلس ثالث ، انتدبوا له وبذلوا أنفسهم للحميّة ووطنوها على القتل فقال الكزيّ : أشّا يا سيّدي فلان الدين ، أشّا صاحب هذا القول هو عليّ بن أبي طالب زوج فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام وإن كنت ما عرفته بعد بعينه ، فهو الشخص الذي لما آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بين الأتباع والأذناب آخى بينه وبين نفسه وأسجل على أنّه نظيره ومماثله ، فهل نقل في جهازكم أنتم من هذا شيء؟ أو نبت تحت خبّكم من هذا شيء؟ فأراد الواعظ أن يكلّمه ، فصاح عليه القائم من الجانب الأيمن وقال : يا سيّدي فلان الدين محمّد بن عبد اللّه كثير في الأسماء ، ولكن ليس فيهم من قال له ربّ العزّة : (مٰا ضَلَّ صٰاحِبُكُمْ وَمٰا غَوىٰ * وَمٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ * إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ) يُوحىٰ [سورة النجم (٥٣) : ٢ ـ ٤] وكذلك عليّ بن أبي طالب كثير في الأسماء ، ولكن ليس فيهم من قال له صاحب الشريعة : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».
وقد تلتقي الأسماء في الناس والكنى |
|
كثيرا ولكن ميّزوا في الخلائق |
فالتفت إليه الواعظ ليكلّمه ، فصاح عليه القائم من الجانب الأيسر ، ـ