_________________
ـ وستمائة برقم ٢٠٨٤ : وفي السابع من المحرّم توفي الشيخ أحمد بن عبد العزيز المعروف ب : الكزي ببغداد ودفن بمقابر قريش.
أقول : للمعنون قصة ذكرها ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٠٧/١٣ ـ ١٠٩ وإليك نصّها : [قصة وقعت لاحد الوعّاظ ببغداد] وعلى ذكر قوله عليه السلام : «سلوني» : حدّثني من أثق به من أهل العلم حديثا ، وإن كان فيه بعض الكلمات العاميّة ، إلاّ أنّه يتضمن ظرفا ولطفا ، ويتضمّن أيضا أدبا. قال : كان ببغداد في صدر أيام الناصر لدين اللّه أبي العباس أحمد بن المستضيء باللّه واعظ مشهور بالحذق ومعرفة الحديث والرجال ، وكان يجتمع إليه تحت منبره خلق عظيم من عوام بغداد ومن فضلائها أيضا ، وكان مشتهرا بذمّ أهل الكلام وخصوصا المعتزلة وأهل النظر على قاعدة الحشويّة ، ومبغضي أرباب العلوم العقلية ، وكان أيضا منحرفا عن الشيعة برضا العامّة بالميل عليهم ، فاتفق قوم من رؤساء الشيعة على أن يضعوا عليه من يبكته ويسأله تحت منبره ، ويخجله ويفضحه بين الناس في المجلس وهذه عادة الوعّاظ ، يقوم إليهم قوم فيسألونهم مسائل يتكلّفون الجواب عنها ، وسألوا عمّن ينتدب لهذا ، فأشير عليهم بشخص كان ببغداد يعرف ب : أحمد بن عبد العزيز الكزيّ ، كان له لسن ، ويشتغل بشيء يسير من كلام المعتزلة ، ويتشيّع ، وعنده قحّة ، وقد شدا أطرافا من الأدب ، وقد رأيت هذا الشخص في آخر عمره ، وهو يومئذ شيخ ، والناس يختلفون إليه في تعبير الرؤيا ، فأحضروه وطلبوا إليه أن يعتمد ذلك ، فأجابهم ، وجلس ذلك الواعظ في يومه الذي جرت عادته بالجلوس فيه ، واجتمع الناس عنده على طبقاتهم ، حتى امتلأت الدنيا بهم ، وتكلّم على عادته فأطال ، فلمّا مرّ في ذكر صفات الباري سبحانه في أثناء الوعظ ، قام إليه الكزيّ ، فسأله أسئلة عقلية ، على منهاج كلام المتكلّمين من المعتزلة ، فلم يكن للواعظ عنها جواب نظري ، وإنّما دفعه بالخطابة والجدل وسجع الألفاظ ، وتردّد الكلام بينهما طويلا ، وقال الواعظ في آخر الكلام : أعين المعتزلة حول ، واصواتي في مسامعهم طبول ، وكلامي في افئدتهم نصول ، يا من بالاعتزال يصول ، ـ