مسألة ١١٩٥: لو قصد الإحياء لاتّخاذ الموات مزرعة،
اعتبر في إحيائه أمور:
الأوّل: جمع التراب حواليه لينفصل المحيا عن غيره، و يسمّى المرز، و في معناه نصب قصب و حجر و شوك و شبهه، و لا حاجة إلى التحويط إجماعا، فإنّ معظم المزارع بارزة.
الثاني: تسوية الأرض بطمّ الحفر التي فيها، و إزالة الارتفاع من المرتفع، و حراثتها، و تليين ترابها، فإن لم يتيسّر ذلك إلاّ بماء يساق إليها فلا بدّ منه لتتهيّأ الأرض للزراعة.
الثالث: ترتيب مائها إمّا بشقّ ساقية من نهر أو حفر بئر أو قناة و سقيها إن كانت عادتها أنّها لا تكتفي في زراعتها بماء السماء، و إن اكتفت به فلا حاجة إلى سقي و لا ترتيب ماء.
و إذا احتاجت في السقي إلى النهر، وجب تهيئة ماء من عين أو نهر أو غيرهما.
فإذا هيّأه، فإن حفر له الطريق و لم يبق إلاّ إجراء الماء فيه كفى، و لم يشترط إجراء الماء و لا سقي الأرض، و إن لم يحفر بعد، فللشافعيّة وجهان(١).
و بالجملة، السقي نفسه غير محتاج إليه في تحقّق الإحياء، إنّما الحاجة إلى ترتيب ماء يمكن السقي منه.
و أراضي الجبال التي لا يمكن سوق الماء إليها و لا يصيبها إلاّ ماء السماء قال بعض الشافعيّة: لا مدخل للإحياء فيها، و بنى عليه أنّا إذا وجدنا
١- العزيز شرح الوجيز ٢٤٥:٦، روضة الطالبين ٣٥٤:٤.
شيئا من تلك الأراضي في يد إنسان لم يحكم بأنّه ملكه، و لا يجوز بيعه و إجارته(١).
و الوجه: أنّها تملك بالحراثة و جمع التراب على الحدود، و كثير من المزارع تستغني عن سوق الماء [إليها](٢) بالمطر.
و هل تشترط الزراعة لحصول الملك في الزراعة ؟ الوجه: العدم؛ لأنّ الزراعة استيفاء منفعة الأرض، و استيفاء المنفعة خارج عن حدّ الإحياء، كما أنّه لا يعتبر في إحياء الدار أن يسكنها، و هو أحد وجهي الشافعيّة، و الثاني:
الاشتراط؛ لأنّ الدار و الزريبة لا تصير محياة إلاّ إذا حصل فيها عين مال المحيي، و كذا المزرعة(٣).
مسألة ١١٩٦: لو قصد الإحياء بزرع بستان فلا بدّ من التحويط،
و يرجع فيما به يحوّط إلى العادة، فإن كانت عادة البلد بناء الجدار لزم البناء، و إن كانت عادتهم الحظيرة بالقصب و الشوك و ربما تركوه أيضا كما في البصرة و قزوين، اعتبرت عادتهم، و حينئذ يكفي جمع التراب حواليه، كالمزرعة.
و القول في سوق الماء إليه على ما تقدّم في المزرعة.
و هل يعتبر غرس الأشجار أم لا؟ من اعتبر الزرع في المزرعة اعتبر [الغرس](٤) في البستان بطريق الأولى، و من لم يعتبره اختلفوا في الغرس على وجهين، و معظمهم اعتبره.
و الفرق: أنّ اسم المزرعة يقع على البقعة قبل الزراعة، و اسم البستان
١- العزيز شرح الوجيز ٢٤٥:٦، روضة الطالبين ٣٥٤:٤.
٢- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «إليه». و المثبت يقتضيه السياق.
٣- الوسيط ٢٢٥:٤، التهذيب - للبغوي - ٤٩٤:٤، البيان ٤١٦:٧، العزيز شرح الوجيز ٢٤٥:٦، روضة الطالبين ٣٥٥:٤.
٤- ما بين المعقوفين أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.