بعده من الأئمّة نقض حماه(١).
و إذا جوّزنا فلو أحياه محي بإذن الإمام ملكه، و كان الإذن في الإحياء نقضا، و إن استقلّ فقولان، أظهرهما عنده: المنع؛ لما فيه من الاعتراض على تصرّف الإمام و حكمه(٢).
و أمّا حمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ففيه طريقان:
منهم من قال: إنّه نصّ من الشارع، فلا ينقض بحال.
و منهم من قال: إن بقيت الحاجة التي حمى لها لم يغيّر، و إن زالت فوجهان.
أحدهما - و به قال أبو حنيفة -: يجوز تغييره؛ لزوال العلّة.
و أظهرهما عند الشافعيّة: المنع؛ لأنّ التغيير إنّما يكون بالاجتهاد، و نحن نقطع بأنّ ما فعله مصلحة، فلا يرفع القطع بالظنّ(٣).
خاتمة: قد سبق(١) أنّ المعادن الظاهرة لا يجوز إقطاعها، و يجوز أن يقطع إنسانا المواضع المتّسعة في الشوارع، فيختصّ بالجلوس فيه(٢) ، و إذا قام عنه لم يكن لغيره الجلوس فيه.
و إذا لم يقطعه السلطان لكن سبق إلى الجلوس في الطريق الواسع، كان أحقّ به ما دام جالسا فيه؛ لإجماع أهل الأعصار عليه، فإنّ الباعة يجلسون على الطريق من غير إنكار أحد عليهم.
فإن قام أحد و ترك رحله، كان أحقّ به. و إن نقل رحله عنه فسبق إليه غيره، كان الثاني أحقّ، بخلاف ما إذا أقطعه السلطان؛ لأنّ ذلك كان أولىع.
١- في ص ٣٨٠.
٢- تذكير الضمير هنا و فيما بعد باعتبار الموضع.