و الثاني: إقطاع إرفاق، و هو أن يقطعه موضعا يجلس فيه من الطريق الواسعة و رحاب الجوامع و مقاعد الأسواق.
و يجوز ذلك إذا لم يضرّ بالمارّة و المصلّين؛ لأن ذلك لمرافق المسلمين و الجالس يرتفق بذلك ببيع و شراء و غير ذلك.
و اختلفت الشافعيّة في أنّه هل لإقطاع الإمام فيه مدخل ؟ على وجهين:
أحدهما: أنّه لا مدخل له في هذا الارتفاق؛ لأنّه ينتفع بها على صفتها من غير عمل، فأشبهت المعادن الظاهرة، و لأنّه لا مدخل للتملّك فيه، و لا معنى للإقطاع، بخلاف الموات.
و الثاني: أنّ له مدخلا فيه؛ لأنّ للإمام نظرا و اجتهادا في أنّ الجلوس في المواضع هل هو مضرّ أم لا، و لهذا يزعج من جلس إذا رأى جلوسه مضرّا، و إذا كان للاجتهاد فيه مدخل فكذا لإقطاعه(١).
إذا عرفت هذا، فقد قال بعض الشافعيّة: إنّ للإمام أن يتملّك من الشوارع ما فضل عن حاجة الطروق(٢).
السادس: أن لا يكون قد حماه النبيّ صلّى اللّه عليه و اله.
و المراد من الحمى أن يحمي بقعة من الموات لمواش بعينها، و يمنع سائر الناس من الرعي فيها.
و الحمى قد كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لخاصّ نفسه و للمسلمين؛ لما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله أنّه قال: «لا حمى إلاّ للّه و لرسوله»(٣). -
١- العزيز شرح الوجيز ٢٢٣:٦، روضة الطالبين ٣٥٩:٤.
٢- العزيز شرح الوجيز ٢٢٣:٦، روضة الطالبين ٣٥٩:٤.
٣- مسند أحمد ١٥٩٩٠/٦٢٤:٤، و ١٦٢٢١/٢١:٥، صحيح البخاري ١٤٨:٣، -