و لكنّه عليه السّلام لم يحم لنفسه، و إنّما حمى النقيع - بالنون - لإبل الصدقة و نعم الجزية و خيل المجاهدين في سبيل اللّه(١).
و عندنا أنّ للإمام أن يحمي لنفسه و لإبل الصدقة و نعم الجزية و خيل المجاهدين على حدّ ما كان للنبيّ صلّى اللّه عليه و اله، و أمّا غيرهما من آحاد المسلمين فليس لهم أن يحموا لأنفسهم و لا لغيرهم؛ لقوله عليه السّلام: «لا حمى إلاّ للّه و لرسوله»(٢)كما في الأم ٤٧:٤، و مختصر المزني: ١٣١، و نهاية المطلب ٢٨٩:٨، و العزيز شرح الوجيز ٢٢٠:٦، و المغني ١٨٥:٦، و الشرح الكبير ٢٠٢:٦ - ٢٠٣.(٣).
و إنّما قصد به النبيّ صلّى اللّه عليه و اله منع العامّة من الحمى، و ذلك لأنّ العزيز من العرب كان إذا انتجع بلدا مخصبا وافى بكلب على جبل إن كان به، أو على نشز إن لم يكن به جبل، ثمّ استعوى الكلب و وقف له من كلّ ناحية من يسمع صوته بالعواء، فحيث انتهى صوته حماه من كلّ ناحية لنفسه، و يرعى مع العامّة فيما سواه، فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله عن ذلك(٤) ؛ لما فيه من التضييق على الناس.
و أمّا الأئمّة عليهم السّلام فقد قلنا: إنّهم عندنا في ذلك بمنزلة النبيّ صلّى اللّه عليه و اله.
و منع الشافعي من تجويز الحمى لخاصّ نفسه، فإن حمى لنفسه٣.
١- الكافي ٥/٢٧٧:٥، التهذيب ٦٢٥/١٤١:٧، الأموال - لأبي عبيد -: ٣٠٩، مسند أحمد ٦٤٠٢/٣٣٢:٢، السنن الكبرى - للبيهقي - ١٤٦:٦، صحيح ابن حبّان - بترتيب ابن بلبان - ٤٦٨٣/٥٣٨:١٠، الطبقات الكبرى - لابن سعد - ١١:٥.
٢- تقدّم تخريجه في ص ٤٤٢، الهامش
٣- .
٤- - سنن أبي داود ٣٠٨٣/١٨٠:٣، المعجم الأوسط - للطبراني - ٤٦٦٩/١٣٣:٥، المعجم الكبير - له أيضا - ٩٦:٨-٧٤٢٦/٩٧-٧٤٢٨، سنن الدارقطني ٤: ١٢٢/٢٣٨، المستدرك - للحاكم - ٦١:٢، السنن الكبرى - للبيهقي - ١٤٦:٦.